نوكيا وجاسوس مايكروسوفت
ستيفن ايلوب
وصفت “نوكيا” قرارها بيع قسم الهواتف وخدمات الأعمال إلى “مايكروسوفت” بأنه “الفصل التالي”, لكن بالنسبة لكثير من النقاد يُعتبر هذا الحلقة الأخيرة في رواية “مَن الفاعل” في هلسنكي. بالنسبة إليهم, المتسبب في هذا الجرم ضد الكبرياء الصناعية الوطنية معروف. إنه الكندي الذي يحمل بيده المسدس الذي ينطلق منه الدخان ويقف بجانب الجثة التي لا تزال تتلوى لِما كان أشهر شركة في فنلندا, إنه ستيفن إيلوب, الرئيس التنفيذي ل¯ “نوكيا”.
فقد اتُّهِم في تعليقات نشرت على الإنترنت بعدة أشياء, منها أنه جاسوس ل¯ “مايكروسوفت”, مذنب بتهمة “التخريب”, وأنه مارس عملا “داخليا سريا” لتسليم “نوكيا” إلى الشركة الأميركية التي كان يعمل فيها سابقاً, والتي سيعود إليها الآن.
وترددت شائعات تقول إنه يمكن أن يخلف ستيف بالمر في منصب الرئيس التنفيذي في “مايكروسوفت”, إلا أن هذا يبدو غير مرجح بالنظر إلى افتقاره للنجاح في “نوكيا”- لكن النقاد يظلمونه لسببين. الأول هو أن إيلوب كان يحاول تحقيق عمل غير عادي في استراتيجية الشركات, وهو إحداث انقلاب جذري في أوضاع شركة تاريخية للمرة الثانية في أقل من عقدين. والآخر, أن نوكيا لا تزال بعيدة تماماً عن كونها شركة منقرضة.
عملية الإنقاذ الأولى, في ظل يورما أوليلا, غيرت وجه “نوكيا” من شركة تصنع الأخشاب والإطارات إلى شركة للهاتف الجوال في منتصف التسعينات. وكان هذا على الأرجح أكثر طموحاً من المهمة التي كلف بها إيلوب عام 2010. لكن نقاد إيلوب يستهينون بالمشاكل التي ورثها – والتي أوضحها في مذكرته عن “المنصة المحترقة” في أوائل عام 2011 – ناهيك عن التغيرات السريعة في الصناعة التي كانت تواجهها “نوكيا”. فقد تغيرت بيئة اتصالات الجوال تغيراً عجيباً منذ أن تولى إيلوب المسؤولية إلى درجة أنها جردت شركات راسخة مثل “بلاكبيري” و”موتورولا”, وشركات جديدة نسبياً مثل “إتش تي سي” التايوانية, من كبار موظفيها وتركتها هائمة.
وفي هذا الدرس الحي في “التدمير الخلاق” للشركات, تسارَعَ تطور القطاع نفسه مخلفاً وراءه حتى شركات مثل “نوكيا” التي تمكنت من زيادة سرعة تغيرها.
ولا شك أن إيلوب هو الذي اختار الستراتيجية الجديدة ل¯ “نوكيا” – وهي الارتباط مع “مايكروسوفت” من أجل تطوير برنامج “ويندوز” لهواتفها الذكية, وفي الوقت نفسه التخلص من البرامج البديلة التي كانت تنتجها “نوكيا”. وهو مسؤول كذلك عن تنفيذ هذه الستراتيجية. ولا يوجد شك أيضاً في أنه أخفق في تغيير حظوظ الشركة إلى الأفضل كما كان يتصور في خطته, إذ لم تستطع هواتف “نوكيا” العاملة ببرنامج “ويندوز” اقتناص حصة معقولة من السوق, كما توقع إيلوب وفريقه, بل تخلفت وراء الهواتف التي تعمل بأنظمة تشغيل من أبل, وأندرويد من غوغل. وفي تلك الأثناء, تراجعت أيضاً مبيعات الهواتف الذكية الأساسية التي اعتبرتها نوكيا عام 2011 الأساس المتين للانقلاب في حظوظها في الهواتف الذكية في الأسواق الناشئة سريعة النمو, مثل الصين.