«سوني» .. عملاق يعاني آثار منتصف العمر – فولت

«سوني» .. عملاق يعاني آثار منتصف العمر

80

بيع مليون منصة تحكم في الألعاب خلال يوم واحد. أحياناً تحقق ”سوني” رقماً يشير إلى أن وحدتها الإلكترونية – القسم الذي تُعرَف به الشركة – في سبيلها إلى العودة. فالإطلاق المحموم للعبة ”بلايستيشن 4” في عطلة نهاية الأسبوع يجعل هدف ”سوني” لشحن ثلاثة ملايين لعبة بنهاية العام يبدو معقولاً. وجاء مزيد من الأخبار الجيدة هذا الأسبوع، من خلال تقارير تفيد بأن ”سوني” تبحث عن خفض التكاليف بقيمة 100 مليون دولار في الاستوديو السينمائي التابع لها.

مثل هذه العلامات هي أحد الأسباب في أن قيمة أسهم ”سوني” ارتفعت أكثر من الضعف خلال عام، وتفوقت على مؤشر توبكس. لكن الارتفاع سيثير ابتسامة ساخرة من أتباع ”سوني” المخضرمين. فقد رأوا آمال المساهمين ترتفع وتتحطم من قبل. ومع ذلك يستمر المتفائلون في الإقبال. وفي وقت سابق من هذا العام، جادل دان لويب، وهو ناشط أمريكي، بأن ”سوني” تستطيع استخراج القيمة من خلال فصل وحدتي السينما والأفلام والتركيز على الإلكترونيات. ويجادل متحمسون آخرون بأنه في حين أن عمل الإلكترونيات ليس له قيمة، فإن الأسهم تعتبر صفقة مربحة لأن المستثمرين يحصلون على الأفلام، والموسيقى، وعمليات التأمين بسعر جيد.

وكلا الرأيين على خطأ. ورأي لويب خطأ على نحو مضاعف أيضاً، حين يرى أن المشكلة في الإلكترونيات هي مشكلة تتعلق بالتركيز، وأن تفكيك المجموعة أمر معقول. ربما تكون وحدة الإلكترونيات قد عانت التنفيذ السيئ، لكن بإمكان كازو هيراي، الرئيس التنفيذي الجديد النشط لـ ”سوني”، فعل الكثير. المشكلة الحقيقية هي أن الوحدة ضمن أعمال سيئة جوهرياً. وتحدد ”سوني” نفسها من خلال الإلكترونيات، وتفتقد إلى القسوة اللازمة لتفكيك الأعمال القديمة لإفساح المجال للأعمال الجديدة. وباستثناء حدوث تحول كبير في الثقافة لن يتم فصل الإلكترونيات، الروح الحزينة لـ ”سوني”، عن الوحدات المربحة التي تدعمها.

أولئك الذين يعتقدون أنهم على ما يرام من خلال عدم دفع شيء مقابل إلكترونيات ”سوني” مخطئون بطريقة أكثر عمقاً. إن التحليل المعقول في ”سوني” لمجموع الأجزاء لن يضع صفراً على الإلكترونيات، بل ينبغي أن يكون الرقم سلبياً، لأن من المرجح أن تمتص الوحدة الأرباح، لا أن تنتجها – إلى أجل غير مسمى.

أضرار جسيمة

والجهود الرامية لإصلاح قسم الإلكترونيات مستمرة منذ أكثر من عقد. ففي نيسان (أبريل) 2003 – عندما كانت أصلاً تعمل على إعادة هيكلتها منذ أربعة أعوام – فاجأت ”سوني” المستثمرين بتحذير بشأن أرباح، عُرِف بـ ”شوكو” أو صدمة ”سوني”. وفي الشهر الماضي سجلت تحذير الأرباح الثاني عشر في عشرة أعوام. وأنفقت 900 مليار ين (تسعة مليارات دولار) على عمليات إعادة هيكلة منذ الصدمة. وفي هذه السنة المالية ستكون الفاتورة 50 مليار ين. أربعة أخماس هذا المبلغ ذهبت للإلكترونيات، لكن خلال تلك الفترة، سجلت الوحدات خسارة تشغيلية إجمالية بلغت 158 مليار ين. ولو أن ”سوني” تخلت عن الإلكترونيات قبل خمسة أعوام، لأنتجت أربعة أضعاف الأرباح التشغيلية منذ ذلك الحين.

والمشكلة ليست فقط تخبط الإدارة. فقد كانت ”باناسونيك” و”شارب”، وهي من العلامات التجارية التي نافست ”سوني” في أوقات ذروة الأجهزة التناظرية، تكافح أيضاً. وفشلت كل الشركات الثلاث في تحقيق عائد موثوق به على رأس المال المستثمر خلال العقد الماضي. ففي العصر الرقمي، تحولت القيمة من إنتاج سلع تامة الصنع إلى برمجيات ومكونات محددة. وهذا جعل صناع الإلكترونيات يدخلون في لعبة حجم منخفضة الهامش حيث يعمل الابتكار على تحسين الأرباح فقط لفترة وجيزة. وحتى هوامش ”أبل” الجبارة، التي بدا أنه لا يمكن المساس بها قبل عام، انخفضت سبع نقاط مئوية منذ ذلك الحين، حيث تم إعطاء السرعة لـ ”سامسونج”. (أرباح ”سامسونج” نفسها ليست آمنة أيضاً، بسبب استمرار انخفاض أسعار الهواتف الذكية). لذلك ليس من المستغرب ألا أحد صدق هامش الـ 10 في المائة الذي وعد به نوبويوكي إيدي، الرئيس التنفيذي لـ ”سوني” خلال الصدمة. أما خليفته، السير هاورد سترينجر، فكان أكثر تواضعاً باستهدافه هامش 5 في المائة. وقد استطاع الوصول إلى ذلك المستوى مرة واحدة أثناء ولايته التي استمرت سبعة أعوام.

استراتيجية ثلاثية الأبعاد

وتركز استراتيجية ”سوني” في الوقت الحالي على ثلاث شركات إلكترونية أساسية – الهواتف الخلوية، والألعاب، والتصوير – كما تهدف إلى استعادة ربحية أعمالها التلفزيونية. وكانت مبيعاتها من الهواتف الذكية قوية هذا العام، لكن الأجهزة الخلوية عمل صعب ويزداد صعوبة بسرعة. وأخذت ”أبل” و”سامسونج” تقريباً كل أرباح الهواتف الذكية حتى الآن، وكذلك الشركات الفاشلة من موتورولا إلى مايكروسوفت/نوكيا التي تعرض الآن منتجات منافسة بأسعار منخفضة جداً. وتملك ”سوني” أقل من 4 في المائة من سوق الهواتف الذكية من حيث عدد الوحدات، مقارنة بـ 32 في المائة لـ ”سامسونح”، و14 في المائة لـ ”أبل”. والأسوأ من ذلك أن هواتفها الذكية ”إكسبيريا” التي لاقت نجاحاً جيدا، تتطلع إلى أعلى قمة في السوق البطيئة النمو، وإن كانت أكثر ربحية.

ومبيعات بلايسيتشن 4 جيدة، ويجب أن تكون كذلك: فهي تبيع بسعر خاسر. وستأتي الأرباح في وقت لاحق، بعد شحن مزيد من الوحدات واستمرار بيع الألعاب. لكن منصات التحكم تخسر حصة السوق أمام الهواتف الذكية وألعاب الإنترنت. وتعتبر ”مايكروسوفت” منافساً ملتزماً وحسن التمويل ولديها منصات تحكم خاصة بها، و”نينتيندو” شركة ممولة جيداً. وجهود ”مايكروسوفت” لجعل منتجها Xbox مركز عصب الترفيه المنزلي دليل على رؤية الشركة إلى أين تسير السوق. وبالكاد أنتجت ”بلايستيشن” النقود عندما كانت سوق منصات التحكم قوية. في حين أن إعادة تنظيم ”سوني المستمرة” لخطوط الإبلاغ تجعل من الصعب تعقب السوق، يبدو أن قسم الألعاب ينحرف بين هامش تشغيلي بنسبة 12 في المائة والخسائر الضخمة. وحين نأخذ متوسط الأرقام، فإنها بأعجوبة تحقق 1 في المائة.

وصناعة التلفزيونات باتت مجرد عمل فظيع. فبوجود ”سامسونج” المُصنّع الأكبر في العالم، بحصة تتجاوز ربع السوق، لكنها قد تتمكن من اعتصار 3 في المائة فقط على شكل هامش تشغيلي، فإن ذلك لا يبشر بخير لـ ”سوني” التي تبلغ حصتها أقل من عُشر السوق. وطموحها للوحدة هذا العام هو مساواة الربح بالتكاليف.

هذا نوع من الطموح. وهناك تطوران فقط أديا إلى تغيير جذري في انحدار أسعار التلفزيون: التحول للألوان، والتغيير للشاشات المسطحة. والسعر الاستثنائي الذي تم منحه للشركة الرائدة في، لنقُل، منتجات الـ 3D أو عالية الوضوح تبخر خلال عام. وتعمل ”سوني” الآن على تطوير خطة لإصلاح قسم الكمبيوتر الشخصي، وهي صناعة سلعية أخرى بطيئة النمو تتميز بهوامش ضئيلة للغاية. والتزام ”سوني” بهذين العملين يجب أن يكون تحذيراً واضحاً للمساهمين المتفائلين.

والتصوير – عمل تقدمه ”سوني” لشريحتين – هو المسألة الأكثر صعوبة. تعتبر الكاميرات الشخصية سوقاً متقلصة، وعملها بكاميرات الأفلام الاحترافية لن يكون أبداً كبيراً بما يكفي لتوفير دَفعة معقولة لـ ”سوني”. ومع ذلك، أجهزة الاستشعار للكاميرات الخاصة بها، وهي جزء من وحدة المكونات وأشباه الموصلات، تعتبر ذات مستوى عالٍ وتستخدمها شركتا أبل وسامسونج، إلى جانب شركات أخرى. ولها منظار واعد لمشروع مشترك مع ”أوليمبوس” أيضاً. والمسألة هي ما إذا كان بإمكان الأجزاء القوية من عمل التصوير تعويض وحدات الإلكترونيات الأضعف.

تذكر، أيضاً، أن الهوامش الإيجابية لا تعني أن الشركات الإلكترونية لا تدمر القيمة الاقتصادية. فعليها إنتاج عائد يكون، بعد الضرائب، أكبر من تكلفة تمويل أصول الشركات. وتساعد أسعار الفائدة المنخفضة التي تدفعها الشركات اليابانية الكبرى على ذلك. ولا يمكن تقدير مستوى الربح اللازم من الخارج لأن ”سوني” لا تكشف أصولها حسب القطاع.

قيمة المجموعة

إن قيمة مجموعة مثل سوني هي مجموع أجزائها. ومن السهل تسعير أعمال ”سوني” للتأمين. فهي مدرجة، وحصة ”سوني” البالغة 60 في المائة تُقدر بـ 500 مليار ين. وبالمثل، حصة ”سوني” البالغة 10 في المائة في ”أوليمبوس” تُقدر بما يزيد قليلا على 110 مليارات ين.

وتعتبر شركة أفلام ”سوني”، وهي واحدة من الاستوديوهات العالمية الثلاثة الأعلى حصة من حيث شباك التذاكر، مسألة أصعب. دريمويركس، استديو عرض الأفلام الصافية والوحيد المدرج في البورصة، هو شركة أصغر حجماً تتخصص في الرسوم المتحركة. والاستديوهات الكبيرة الموجودة هي تايم وورنر وفوكس وديزني. ومعظم المحللين يثبتون قيمة تلك الاستديوهات بثمانية أو عشرة أضعاف الأرباح (قبل الفوائد والضرائب والاستهلاك والإطفاء). وبقيمة عشرة أضعاف، تُقدر قيمة شركة أفلام سوني بـ 430 مليار ين. ويُضيف تقدير مشابه لقسم الموسيقى 550 مليار ين أخرى. وعلى افتراض أن صافي النفقات العامة للشركة وشركات سوني الأخرى هو صفر، وإذا أعطينا ”سوني” الفضل في وجود 100 مليار ين كصافي نقد في ميزانيتها العمومية (ربما يكون هذا التقدير مبالغاً فيه، لأننا إذا حذفنا أثر أعمال التأمين من الميزانية العمومية، يصبح صافي دين ”سوني” 800 مليون ين. وإذا أدخلنا ذلك في المبالغ الموجودة لدنيا، فسنجد أن ”سوني” ستبدو كأنها ذات قيمة عالية بالتأكيد). ولذلك فإن الأجزاء، باستثناء الإلكترونيات، تُقدر في هذه الحالة بـ 1.7 ترليون ين. والقيمة السوقية لـ ”سوني” أكثر بقليل من 1.9 ترليون ين.

هذا يعني ضمناً 260 مليون ين للإلكترونيات. فهل يعتبر هذا مبلغاً متواضعاً لمجموعة من الشركات أنتجت 100 مليون ين (قبل الفوائد والضرائب والاستهلاك والإطفاء) في الشهور الـ 12 المنتهية بشهر أيلول (سبتمبر)؟ لا. إن سنة في محاولة التخلص من هامش صغير، ساعده إضعاف الين، لا يعني أن شركة متقلبة لديها تاريخ من الخسائر تعتبر ذات قيمة. في هامش أرباح صافية بمقدار 1 في المائة أو نحو ذلك، من الصعب تجنب استنتاج أن الإلكترونيات، بعد الضرائب، لا تربح تكلفة رأسمالها، وهو ما يهم المساهمين، لا تولد أي تدفقات نقدية حرة على الإطلاق – خاصة إذا تم تخصيص حصتها، أو التكاليف العامة للشركات التابعة لها. ولا تأخذ الأرباح الصافية في الحسبان النفقات الرأسمالية، وهي جانب مهم للتكاليف النقدية في أي شركة تصنيع.

وبطبيعة الحال، يعد تقدير الإلكترونيات بأقل من لا شيء وأن أسهم ”سوني” باهظة الثمن تحليلا فجا، لكنه سليم. إن وضع تقديرات أعلى على وحدات الإعلام الذي قد يعني سعراً دون الصفر للإلكترونيات موجود بالفعل. لكن الفكرة هي أنه مهما حققت أعمال الإعلام والتأمين، فليس هناك ما يدعو لتوقع أن تفعل الإلكترونيات أي شيء غير امتصاص المال.

وسيجادل بعض المؤمنين بالسوق الصاعدة بأن البرنامج الاقتصادي لـ ”شينزو آبي”، وزيادة إضعاف الين المتوقع، ستعزز القدرة التنافسية وأرباح إلكترونيات ”سوني”. فقد قفزت مبيعات قسمها لمنتجات الهواتف الخلوية إلى خُمسين على أساس سنوي بحساب الين هذا العام.

لكن إذا حذفنا تأثير تحركات العملة، ترتفع المبيعات 4 في المائة. وقد توفر هذه التقلبات فرصة للمتداولين في الأسهم. وإذا نجح برنامج آبي في إنعاش اقتصاد اليابان المريض، فستستفيد ”سوني” على اعتبار أن ثلث مبيعاتها في الداخل. لكن هناك عقدان مفقودان يجادلان ضد احتساب ذلك في أي عملية تقدير حتى الآن. وفي الوقت الحالي، يعتبر برنامج آبي محفوفاً بالمخاطر أكثر مما هو فرصة. وقد تتمكن الربحية المحسنة على المدى القريب، كما فعلت من قبل، من تأخير القرارات المؤلمة التي تستمر بعد ذلك.

شبكة غير متصلة

قبل عقد كان لدى إدارة ”سوني” رؤية ثورية. وتوقع المديرون، على حد وصف ”فاينانشيال تايمز” في ذلك الحين، عالماً ”متصلاً بشبكات على نحو تتحدث فيه التلفزيونات مع بعضها، وتحل الأجهزة اللاسلكية محل الكمبيوتر الشخصي، ويقوم السائقون بتنزيل الموسيقى من الإنترنت وهم في سياراتهم”.

كيف تستطيع شركة توصلت إلى رؤية صحيحة وسليمة إلى هذا الحد أن تحقق نتائج سيئة من هذا القبيل؟ من المفترض أن يكون هناك جواب عن ذلك لدى السير هوارد سترينجر، الذي كان الرئيس التنفيذي للمجموعة منذ 2005 حتى العام الماضي. وفي مقابلة مع ”فاينانشيال تايمز”، وفي رد على الانتقادات الموجهة إليه على أنه لم يقطع شوطاً كافياً في خطة التحديث التي وضعها في 2005، قال: ”كنتُ أود لو أني لاحقتُ عدداً كبيراً من الأقسام غير المربحة، خصوصاً، وكان من الممكن أن يشتمل هذا على تسريح عدد كبير من الموظفين أكثر مما فعلنا. لكن ليست هناك حماسة للتخلص من أي أقسام غير مربحة. كل واحد مرتبط بشيء ما”.

وساندت الأرقام ملاحظة السير هوارد. فقد انخفض عدد الموظفين في قسم الإلكترونيات من 127 ألفاً إلى 105 آلاف خلال السنوات العشر الماضية – وهو أبطأ من التراجع في المبيعات خلال الفترة نفسها. ولم تكن السنوات الخمس الماضية جيدة بالنسبة إلى ”سوني” التي واجهت بدورها أزمة مالية، وكارثة فوكوشيما، والفيضانات الفظيعة التي أضرت بشركات التوريد في تايلاند، وحتى حوادث الشغب في لندن عام 2011 (حيث فقدت مستودعاً للأقراص المدمجة). وهناك أيضاً قوة الين، حتى العام الحالي. لكن كل هذه العوامل تفيد فقط في إبراز عجز قسم الإلكترونيات عن تحمُّل الصدمات.

والذين يريدون أن يجادلوا بأن من المتوقع أن تتغير ثقافة الشركة العامة في ”سوني”، وديناميكيات الأرباح في الأقسام التي تعمل فيها، ستكون لديهم أسباب تقنعهم بشراء الأسهم.

You might also like More from author