لبنان لا انترنت ولا تلفون: انها نهاية العالم!
ملاك عقيل
لبنان بلا انترنت! بغض النظر عن القطبة التي تحكّمت بهذا العنوان والتي دفعت وزارة الاتصالات الى تحميل رئيس هيئة “اوجيرو” عبد المنعم يوسف المسؤولية كاملة عن هذه “المصيبة” (في حال وقعت)، فان مجرد التلويح بهذا الامر كان كفيلاً بادخال الرعب الى نفوس اللبنانيين.
بدا وزير الاتصالات نقولا صحناوي متحسّباً لفخّ وجد انه يستهدف الوزارة عبر حشرها في زاوية التخلّف عن دفع المستحقات المتوجّبة عليها مما قد ينعكس انقطاعا لشرايين التواصل بين اللبنانيين والعالم الافتراضي، فوجّه رسالة تطمين الى أنّ الاجراءات الاحتياطيّة للوزارة منعت من وقوع الكارثة. لكن ماذا لو؟
مرّ يوم الاحد على خير. هو الموعد الذي روّج له اخصام وزير الاتصالات ليعلنوا دخولنا “الموت السريري”، لكن الانترنت بقي على قيد الحياة و”شغّال”.
ليس في الامر مزحة. مجرد الترويج لفكرة انقطاع اوكسجين الانترنت عنّا كفيل باقامة حفلات الجنون. لا نتحدث هنا عن الضرر الكبير الذي سيلحق بالمؤسّسات العامة والخاصة والوزارات وقطاعات العمل والمصارف. سيصبح شرعيا قياس الازمة على قياس الافراد وليس الجماعة. الادمان موجع، وخسارة ما ادمنّا عليه يصبح اكثر كلفة اذا كان يساوي العودة الى العزلة التامة. حاولت اليابان معالجة “مرضاها” باقامة مخيمات فيها مختلف انواع الترفيه، باستثناء الانترنت. فاي بديل قد يتوافر في بلد يعجز عن اقامة مخيّمات للاجئين؟
حياة بلا انترنت هي جسد بلا روح. جدليّة يقرّ بها جميع المنتمين الى نادي العالم الافتراضي. هذا الاختراع العجائبي بات شريك النصف تقريباً في كل شيئ. في البيزنس وفي الحياة الخاصة. في القيام بواجبات لا وقت لها في البرنامج الواقعي لحياتنا. في استكشاف مختلف غرائب هذا العالم وحقائقه. في تحقيق انجازات لم يكن من الممكن أن تتحقّق من دون هذا المخلوق الذكي. في التفاعل مع الآخر. في ترتيب دقائق وثواني حياتنا بالاتكاء على “بطولات” اختراع العصر. في السفر الى زوايا هذا الكون من وراء شاشة باتت ظلّ البشرية.
قلّة قليلة على هذا الكوكب قد تدين بالولاء عند كل اشراقة صباح لـ “النعمة” التي منحها Tim Berners lee، مخترع الويب والانترنت، لسكان الكرة الارضيّة. الاغلبية الساحقة منهم قد نسيت الاسم، او لم تعرفه يوما، لكنها تتنعّم بكل ثانية بما جنته عبقرية البريطاني “تيم”. هل علينا فعلا ان نشكره على اجمل ادمان في العالم؟
مرّت على خير هذ المرّة، وبقي الانترنت نابضا في عروقنا. لكن الافكار السوداء جرّت المرعوبين الى مكان آخر اكثر فظاعة. ماذا لو انقطعت الاتصالات الهاتفيّة، وبات هذا الجهاز الذي نحمله في ايدينا جثة هامدة؟
عندها بالتأكيد، ستتراجع مصيبة الانترنت امام كارثة التلفون. هذا ما لا يمكن فعلا تحمّله. صحيح انه “الداء والدواء” ، لكنّ خسارته لن نستوعبها حتى في الاحلام… ومن قال إنّ لنهاية العالم رواية واحدة؟!