داء الإنترنت.. هل تظهر أقراصاً طبية لعلاجه؟ – فولت

داء الإنترنت.. هل تظهر أقراصاً طبية لعلاجه؟

63

قد يكون السؤال ”فانتازياً”. هل يمكن أن نشهد ظهور أدوية مضادة لإدمان الإنترنت، على غرار تلك التي انتشرت قبل ثلاثة عقود لتخفيف الإدمان على التدخين؟! أو تلك التي يستخدمها مرضى السكري قبل تناولهم وجباتهم؟! أو مثل الحبوب التي يتعاطاها أولئك الذين يصابون بسهولة بدوار البحر أو وسائل النقل المختلفة؟! قليلة هي الأشياء الغريبة في هذا الزمن. وبالتالي فإن الاحتمالات الواردة، صارت أكثر من تلك المستبعدة. هناك اليوم، أكثر من مليارَي شخص حول العالم، يقضون بعضاً من أوقاتهم أمام شاشات الأجهزة الإلكترونية المختلفة. والأسباب كثيرة، تبدأ بمتابعة الرسائل، ولا تنتهي عند اللعب، والتواصل المباشر، ومشاهدة الأفلام، ومتابعة الأخبار، والاستماع إلى الأغنيات، والبحث عن جواب لسؤال مختلف عليه، والحصول على مرجع ما، والنشر الشخصي.. وغيرها.

هناك نسبة متعاظمة من مستخدمي الإنترنت، منفصلون عن الواقع. فالافتراضية باتت جزءاً أصيلاً من حياتهم اليومية. هذا لوحده وباء خطير، ينال من الواقع، ويدخل المصاب به، في أعلى درجات المخاطر. فالانفصال عن الواقع، يعني الفشل في الفصل بين الخيال والواقع. إلى جانب (طبعاً) الإدمان الذي يؤثر سلباً في الواجبات الخاصة والعامة للفرد.. كأن ينسى متطلبات المنزل المادية والمعنوية، أو يعطل مصالح الناس إذا ما كان في موقع لخدمتهم. الإنترنت مثل الطعام والشراب، الذي يفرط فيهما، يدخل دائرة المخاطر الصحية. ربما كانت الشبكة الدولية قبل 20 عاماً، إضافة إلى الحياة العامة، لكنها اليوم ضرورة لهذه الحياة، بكل أشكالها، البحثية والخدمية والإجرائية والصحية.. إلى آخر قائمة لا نهاية لها.

إدمان الإنترنت طرح السؤال الأهم. هل يحتاج هذا الإدمان بالفعل إلى علاج؟ بل هل يتطلب دخول مصحة؟ يتفق الخبراء أولاً، على أن أعراض الإدمان حاضرة عند مستخدم الإنترنت، وفي مقدمتها، سرعة التهيج والغضب، والإصابة بالقلق عند التوقف عن استخدام الإنترنت أو ألعاب الفيديو. بل هناك من يعتقد، أنه حتى التوقف عن فتح البريد الإلكتروني لسبب خارج عن إرادة الفرد، يثبت أن الشبكة الدولية تنشر الإدمان حقاً. في الولايات المتحدة، تم بالفعل افتتاح عيادة ”إدمان الإنترنت”، رغم وجود مَن يعتقد، بأن الأمر مبالغ فيه. وهؤلاء يرون، أنه من الضروري أن يأخذ الأمر مزيداً من الوقت للوصول إلى الاستنتاج النهائي في هذا المجال. وفي ظل هذا الاختلاف، هناك حالات متعاظمة من بين مليارَي مستخدم للإنترنت، تزداد خطورة من جانب الإدمان. لأن التعريف البسيط للإدمان، هو الإفراط في تعاطي الشيء، أو التعاطي معه. وهذا التوصيف ينطبق على أعداد هائلة من إجمالي مستخدمي الشبكة الدولية.

صحيح أن الأمر لا يستدعي إدخال مدمن الإنترنت إلى مصحة، إلا في حالات نادرة جداً، لكن الصحيح أيضاً، أن الانكباب على الإنترنت، يخلف آثاراً يتركها عادة المدمن على أي شيء، بما في ذلك الآثار الاجتماعية والحياتية. وأياً كانت طبيعية المصحة لعلاج الحالات النادرة، فلن تكون سوى ”سجن” يبعد المصاب عن الإنترنت. فالقضية برمتها ليست عضوية، بل هي نفسية، عادة ما ينجح علاج الحظر المتبع بصورة علمية معها. سيظل الخلاف بين المؤيدين والمعارضين حول توصيف الانكباب على الشبكة الدولية قائماً. ولكن في كل الأحوال، المشكلة تتزايد وتتشعب، وتترك أضرارها في الأجواء. وإذا كان من الصعب الوصول إلى اتفاق في الوقت الراهن، فإن العلاج ينبغي أن يكون منزلياً. غير أن المصيبة هنا تكمن في إمكانية عدم العثور على فرد ”منزلي”، مؤهل ليكون مرشداً ملائماً للمصابين بداء الإنترنت. أي أن تكون الأسرة كلها تحت تأثير الداء.
الاقتصادية

You might also like More from author