الهناندة: المزيد من الضرائب يضر بقطاع الاتصالات
فولت – حذر الرئيس التنفيذي لشركة “زين الأردن” – إحدى شركات مجموعة زين الإقليمية – أحمد الهناندة الخميس الماضي من آثار سلبية وخيمة يمكن أن تلحق بقطاع الاتصالات ومساهمته في الاقتصاد، إذا ما مضت الحكومة بتنفيذ التوجهات التي يجري الحديث عنها في الوقت الراهن، وتقضي بفرض مزيد من الضرائب والرسوم على القطاع الذي يعد “قصة نجاح حقيقية” مقارنة بالقطاعات الاقتصادية الاخرى.
وقال الهناندة في حديث صحفي -على هامش زيارته مقر صحيفة “الغد” الخميس الماضي- إن الحديث عن مجموعة من التوجهات والقرارات الحكومية تجاه القطاع، يثير الاستغراب والتساؤل: لماذا يجري التعامل مع قطاع “الاتصالات” بناء على معيار ربحيته فقط؟، وكيف تعكس توجهات وقرارات الحكومة ونظرة العامة للقطاع صورة تتلخّص في “عقاب القطاع الناجح”!، متناسين معيار “العائد على الاستثمار”، وحاجة القطاع إلى مزيد من الاستثمارات في تقنيات متسارعة التطور.
ويأتي ذلك -بحسب الهناندة- وسط تجاهل كبير لما يسهم به القطاع من دعم للاقتصاد، والتوظيف، ونشر لخدمات اصبحت تشكّل عمودا فقريا للحياة الاجتماعية والعملية للأردنيين، ورفد خزينة الدولة بمبلغ سنوي يقدّر بنحو 350 مليون دينار.
وطرح الهناندة خلال اللقاء هموم القطاع وتحدياته، والاندماج بين قطاع الاعلام والاتصالات، واهمية القطاع الاعلامي، وتطبيق شركات الاتصالات قانون المطبوعات والنشر بحجب المواقع الإلكترونية غير المرخصة، حيث اوضح الهناندة بان دور شركات الاتصالات كان يقتصر على تنفيذ القانون فقط.
خلال اللقاء، اوضح الهناندة بان قرارات وتوجهات الحكومة تجاه “الاتصالات” -وهي القرارات والتوجهات التي جرى تطبيق بعضها، فيما ما يزال بعضها قيد الدراسة والنقاش او تنتظر وقتا للتنفيذ من قبل الجهات المعنية- تشمل: اقتراح الحكومة في مسودة مشروع قانون ضريبة الدخل رفع ضريبة الدخل على قطاع الاتصالات من 24 % الى 40 %، وتوجهات الحكومة والافكار التي يجري تداولها منذ شهور لرفع جديد لتعرفة الكهرباء على القطاع، ورفع نسبة المشاركة بالعوائد، فضلا عن مضي هيئة الاتصالات في طرح عطاء ترخيص الترددات الجديد – والذي كانت اعلنت غير مرة انه من الممكن ان يتمخض عنه دخول مشغل رابع جديد الى سوق الاتصالات.
وقال انّ كل هذه التوجهات تأتي في مرحلة انتقالية يمر بها القطاع مع تزايد المنافسة بين شركاته وتراجع ارباحه، وحاجة الشركات لاستثمارات جديدة لادخال تقنيات حديثة.
ويلخّص الهناندة قائلاً “ان كل التوجهات والصورة سابقة الذكر تضع شركات الاتصالات في حالة عدم وضوح واستقرار، وتحد من قدرة الشركات على التخطيط لا سيما في مجال الاستثمار في البنية التحتية وجودة الخدمات!”.
وقال: “يجب على الحكومة ومجلس النواب ان ينظروا الى صورة القطاع كاملة دون تجاهل للدور الذي يقوم به”، بل انّ الهناندة دعا الى ضرورة ان يكون هنالك تشاركية في القرارات والتوجهات الحكومية تجاه القطاع وتجاه الاقتصاد.
وأردف الهناندة قائلا “ندعو الحكومة للتنبه إلى أنّ هذا القطاع ونتيجة لقرارات وتوجهات سابقة جرى تنفيذها من فرض ضرائب ورسوم تعد من الأعلى في المنطقة الى جانب فرض تعرفة على القطاع الى جانب قطاع البنوك تزيد على الكلفة في الكهرباء – وهو التوجه الذي نفذ العام الماضي، الى جانب غياب لتفعيل قانون المنافسة وحماية المستثمرين لا سيما الصغار في القطاع، كل ذلك اسهم في بتراجع القطاع وخروج لشركات صغيرة منه الى جانب تراجع حجم التوظيف المباشر فيه بنسبة تصل الى 20 % خلال اخر ثلاث سنوات”.
واضاف “ان أي قرارات او توجهات تزيد من الثقل على القطاع ستحوله من قصة نجاح الى قصة فشل؟!”.
وبحسب الأرقام الرسمية الصادرة عن شركات الاتصالات الرئيسية؛ بلغ صافي ارباح هذه الشركات 37.9 مليون دينار تقريبا في نهاية آذار (مارس) الماضي، مقابل 45.141 مليون دينار في نهاية الربع الاول من العام الماضي، اي بتراجع نسبته 16 %، ومن جهة اخرى كان القطاع شهد توقف وخروج عدد من شركات الاتصالات والإنترنت خلال اخر ثلاث سنوات. وأشار الى ان الشركات والقطاع يدركون تماما الازمة التي يمر بها الاقتصاد وموازنة الحكومة، وبان القطاع من الممكن ان يقترح حلولاً من داخل القطاع يمكن ان تساعد الاقتصاد دون احداث اي تاثيرات سلبية على اطراف المعادلة الثلاثة المرتبطين بالقطاع: الحكومة، المستخدم، والشركات.
وعلى صعيد متصل لفت الهناندة الى تأخر هيئة تنظيم قطاع الاتصالات عن تنفيذ العديد من القرارات المهمة والضرورية للقطاع وتحفيز الاستثمار فيها، لا سيما موضوع “تحرير سوق الهاتف الثابت، والإنترنت السلكي ADSL بتطبيق مشروع “تجزئة الدارات المحلية” الذي يتيح للشركات امكانية استئجار اجزاء من الشبكة النحاسية من الشركة المسيطرة على هذه الشبكة النحاسية وتقديم خدمات الإنترنت السلكي مباشرة الى المستخدم النهائي.
وتساءل الهناندة عن التأخير الكبير في تنفيذ القرار المتعلق بتجزئة الدارات المحلية، ومنح الشركات الفرصة للمنافسة في تقديم خدمات الهاتف الثابت، مشيرا الى ان هذين الجزأين من السوق ما يزالان يغيبان عن المنافسة الحقيقية، التي من الممكن ان تخلق انتشارا كبيرا للخدمات وخلق قطاعات فرعية جديدة تستفيد من نشر هذه الخدمات، ما يؤكّد اهمية مضي الهيئة في حلّ هذين الموضوعين.
وعن قدرة القطاع ومشاركته الحكومة للخروج من ازمتها المالية، اوضح الهناندة ان القطاع بشركاته مجتمعة او كل واحدة منفردة كانت طرحت خلال الفترة الماضية العديد من الحلول والتوجهات من داخل القطاع، يمكن ان تسهم في اجزاء من الحل ورفد خزينة الدولة بالمزيد من الايرادات: مثل رفع اسعار انهاء المكالمات الدولية الواردة الى المملكة، رفع الضريبة على التجوال الدولي على الوافدين الى المملكة، دفع رسوم ترددات او غيرها من الرسوم مقدما قبل فترة استحقاقها للحكومة، وغيرها من الحلول المناسبة لكل اطراف المعادلة ودون الاخلال بالتوازن الذي تميز به قطاع الاتصالات خلال العقد الماضي عندما اسهم وقرينه قطاع تقنية المعلومات في خلق 80 الف وظيفة مباشرة وغير مباشرة خلال العقد الماضي، وارتفعت نسبة مشاركته في الاقتصاد الى 14 %.
وتقدّم شركة “زين الأردن” خدمات الخلوي والإنترنت السلكي واللاسلكي والجيل الثالث في السوق المحلية التي تعدها دراسات محايدة من اكثر الاسواق العربية تنافسية في المنطقة العربية، وهي تدير نحو 3.6 مليون اشتراك في الخلوي والإنترنت، وتستقبل يوميا نحو 250 الف مكالمة يوميا على مراكز الاتصال التابعة لها، فيما يزور معارضها يوميا نحو 20 الف مواطن. وتظهر ارقام اخرى بانّ “زين الأردن” وحدها كانت رفدت خزينة الدولة العام الماضي بمبلغ يتجاوز 150 مليون دينار بين رسوم وضرائب متنوعة، كما ان مجموع استثمارات الشركة في البنية التحتية خلال الـ 17 عاما الماضية (أي منذ العام 1995 وحتى نهاية 2012) بلغ حوالي المليار و70 مليون دولار (750 مليون دينار).
وعلاوة على ما سبق من ارقام ومؤشرات استعرضها الرئيس التنفيذي لشركة “زين الأردن” احمد الهناندة في حديثه عما تسهم به شركة زين وحدها في الاقتصاد، قال ان الشركة والى جانبها شركات الاتصالات الاخرى هي الاكثر مساهمة في بند المسؤولية الاجتماعية في المملكة، وقال ان شركة “زين” تحرص على توجيه برامجها للمسؤولية الاجتماعية في التنمية الاقتصادية المستدامة، وهي تنفق ما معدله 5 % من أرباحها سنويا على برامجها للمسؤولية الاجتماعية التي تتنوع في محاربة ظاهرتي الفقر والبطالة ودعم التوظيف والتعليم والصحة وغيرها الكثير من البرامج التي تلامس احتياجات المواطن الأردني.
وعلى صعيد متصل دعا الهناندة الحكومة والقطاعات الاقتصادية الاخرى الى بناء نماذج شراكة حقيقية، وذلك للاستفادة من البنية التحتية للإنترنت عريضة النطاق، وذلك عندما يجري تقديم خدمات التعليم الالكتروني، والدفع الالكتروني، والاعلان عبر الموبايل والإنترنت، وتقديم خدمات الصحة والخدمات الحكومية عبر هذه الشبكة، مؤكدا ان كل المستقبل لمثل هذه الخدمات المبنية على شبكة الإنترنت.
واشار الى ان هذا التوجّه لن ينتج عنه تقديم خدمات جديدة فقط، ولكنه سيرفع من كفاءة وانتاجية القطاعات الاقتصادية المستفيدة من الخدمات، ويوفر آلاف فرص العمل الناتجة عن الخدمات والقطاعات الفرعية التي من الممكن ان يخلقها هذا التوجّه.