تخبط في قطاع الاتصالات
سلامة الدرعاوي
لغاية الآن، سبع حكومات عجزت عن إيجاد قانون عصري جديد لقطاع الاتصالات، فبعد سنوات من التقدم في قطاع تكنولوجيا المعلومات وريادة القطاع على مستوى المنطقة، باتت مرتبة المملكة تذبذب هنا وهناك، وسبقتنا الكثير من الدول في هذا الاستثمار الحيوي.
الإرباك الحاصل في الجانب التشريعي لقطاع الاتصالات ألحق ضررا استثماريا به، وأخذت العلاقة بين الحكومة والعاملين والمستثمرين في القطاع يشوبها التوتر، نتيجة عدم الوصول إلى نقاط اتفاق محددة تهدف إلى النهوض من جديد بقطاع الاتصالات، ليكون رائد النمو الاقتصادي في المرحلة المقبلة.
للأسف، فبدلا من تعزيز الحوار بين الجهات المعنية على النقاط ذات الاختلاف في القوانين والأنظمة، فاجأت الحكومة الرأي العام بطرح عطاء لاستقطاب مشغل اتصالات رابع في المملكة.
التساؤل المطروح في هذا الأمر، هل يمتلك السوق الأردني مقومات الاستمرار والنمو في ظل مشغل جديد؟، الإجابة متروكة لدراسات الجدوى الاقتصادية التي أعدتها الحكومة، والتي ستبين فرصة نمو القطاع واستيعابه لمشغل جديد.
لكن قبل هذا، علينا أن نتذكر أن 3 شركات اتصالات خرجت من السوق خلال السنوات القليلة الماضية بعد أن استثمرت عشرات الملايين من الدولارات للدخول كمشغل رابع وهي: اكسبرس، واي ترايب وكلكم، شركات باستثمار أجنبي محلي معا، خسرت السوق وخسرت تواجدها وسمعتها.
باستطاعة الحكومة أن ترفد خزينتها بمبلغ مالي معين جراء بيع الرخصة الرابعة، لكن على الحكومة أن تدرس جيدا إمكانية خسارة إيرادات من الشركات القائمة إذا ما كانت المنافسة غير صحيحة اقتصاديا.
تطوير قطاع الاتصالات لا يكون باستحداث مشغل رابع، فحالة التشبع بلغت ذروتها في الأردن، والإحصاءات الرسمية تدلل على ذلك، فمساهمة القطاع بالناتج المحلي الإجمالي بلغت 14بالمائة، ويعمل به أكثر من 60 ألف مواطن بشكل مباشر وغير مباشر.
كما ارتفع عدد خطوط الخلوي في المملكة لتصل إلى 8.76 مليون خط، وبنسبة انتشار 138 بالمئة مع نهاية الربع الثالث في العام الحالي، مقارنة مع 8.34 مليون خط بنسبة انتشار 132 بالمئة مع نهاية الربع الثاني من العام الحالي، أي بارتفاع عدده 427 ألف خط خلال فترة 3 شهور.
إذا أرادت الحكومة النهوض بالقطاع والعودة من جديد إلى ألقه وحيويته؛ فهناك متطلبات سابقة من المفترض أن تقوم بها مثل تحرير سوق الانترنت، الذي ما تزال الممارسات غير القانونية تسود فيه من خلال مكاتب غير مرخصة تبيع المكالمات الدولية بواسطة الانترنت بأسعار بخسة تذهب لصالحها، بعيدا عن أي استحقاقات ضريبية للخزينة، كما تفعل باقي الشركات العاملة في القطاع.
الاتصالات كغيرها من القطاعات التي سجل الأردن ريادتها منذ أكثر من عشر سنوات، وباتت معلما كبيرا في المنطقة، للأسف تراجعت هي الاخرى، وانضمت الى قطاعات التعليم والصحة التي نمت قطاعاتها في دول الجوار بعد ان استفادوا من الخبرات الاردنية.
لا بد من إعادة الروح الابداعية والاستثمارية الى قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والخروج قليلا من التفكير الرسمي الذي يركز على الجباية ورفد الخزينة بالايراد السريع، فالاستثمار الصحيح يتطلب توفير مناخ سليم لبيئة الاعمال قبل كل شيء، ومن ثم الاعتماد على قانون عصري ودائم بعيدا عن مزاجية القرار.
المصدر:صحيفة المقر