الهناندة: تحرير سوق الإنترنت السلكي اجدى من إدخال مشغل رابع للقطاع
إبراهيم المبيضين
عمان – دعا الرئيس التنفيذي لشركة “زين الأردن” – إحدى شركات مجموعة زين الإقليمية العاملة في 7 دول عربية – أحمد الهناندة الأسبوع الماضي الى ضرورة إدراك القائمين على القطاع “المرحلة الحرجة” التي يمر بها قطاع الاتصالات في المملكة نتيجة المنافسة الشديدة، وحاجة الشركات للاستثمار في الإنترنت عريض النطاق.
وأكد أهمية التروي في اتخاذ القرارات والسياسات التي تمس القطاع ويمكن أن تهدد تنافسيته ونموه على المدى البعيد.
وقال الهناندة في لقاء صحفي خاص مع “الغد” إنّ قطاع الاتصالات يعد الأكثر استثمارا في الاقتصاد، وخدماته لاسيما “الإنترنت عريض النطاق” ستشكل مستقبل القطاعات الاقتصادية الأخرى خلال السنوات المقبلة، وهو أمر يستدعي التوقف عنده، ببناء سياسة ورؤية واضحة تحكم عمل القطاع، وإيجاد بدائل للقرارات والسياسات التي بدأت الحكومة بتنفيذ بعضها، أو تتوجه لتنفيذ بعضها الآخر، بسبب الضغوط والظروف الاقتصادية التي تواجهها.
واستغرب الهناندة توجّه الهيئة المعلن خلال الربع الأخير من العام الماضي، والذي شمل طرح تراخيص ترددات جديدة قد يتمخض عنها دخول مشغلين جدد، مشيراً الى أن توقيت طرح هذه التراخيص لا يتناسب ووضعية السوق المحدودة شديدة المنافسة لدرجة أوصلت نسب انتشار الخدمات الى مستويات عالية، وخفضت الأسعار الى مستويات غير مسبوقة، وهي أمور تجعل من الصعوبة تقبّل مشغل جديد يمكن أن يأتي بآثار سلبية ستشّوش على المنافسة الإيجابية التي تشهدها السوق اليوم.
إكمال تحرير سوق الإنترت اللاسلكي والثابت ضرورة
وعوضا عن توجّه الحكومة الى إدخال مشغلين جدد، دعا الهناندة الى ضرورة تفعيل المنافسة في الأجزاء غير مكتملة المنافسة في سوق الإنترنت السلكي بإكمال مشروع تجزئة الدارات المحلية التي ستتيح للشركات أن تستأجر أجزاء (مراحل) من شبكة الاتصالات الثابتة وبشكل يمكنها من تقديم خدماتها بشكل سهل ويتيح لها المنافسة في السوق، مشيراً الى أن هذا المشروع قد أقر في السياسة العامة السابقة للقطاع واتخذ فيه قرارات، ولكنه الى الآن لم يخرج الى حيز الوجود.
وأكد الهناندة أن تحرير سوق الإنترنت السلكي (ADSL) سيسهم بتطوير القطاع وخفض الأسعار ودعم انتشار الإنترنت، وتقديم خدمات متطورة بسعات عالية مثل خدمات “الفايبر للمنازل”، حيث إن التقنية السلكية تعد دائماً أكثر استقرارا وديمومة من التقنيات اللاسلكية التي غالباً ما يؤثر في سرعاتها عامل التشاركية بين المستخدمين.
تجارب على خدمات الجيل الرابع
وأكد الهناندة أن الشركة مهتمة بتقديم التقنيات الأكثر تطورا للسوق المحلية، في إشارة منه الى استعداد الشركة واهتمامها بتبني تقنية “الجيل الرابع” في الوقت المناسب، وقال: “نحن مهتمون بتقديم خدمات الجيل الرابع، القائمة على تقنية (LTE) التي تتيح سرعات عالية وسعات كبيرة للإنترنت، ولكن اهتمام الشركة سيكون مرتبطا بجاهزية السوق لهذه الخدمة من حيث أدوات التنظيم والتشريعات والترددات وأهمها تطبيق سياسة حيادية التكنولوجيا، حيث إننا نعتقد أن ليس هنالك حاجة لدفع مبالغ للحصول على رخصة لتقديم هذه التقنية وهو ما سيؤدي الى رفع كلفة الخدمة على المواطنين وبالأخص كون انتشار الأجهزة المهيئة للاستفادة من الخدمة في الوقت الحالي محدودا جدا.
وأضاف “نقوم حالياً بتجارب على الخدمة في بعض المناطق في المملكة، من باب الاستعداد والتجربة حتى تكون لدينا الجاهزية لإدخالها إذا ما اتخذنا قرارا بالاستثمار بها في المرحلة المقبلة”.
نظرة قاصرة تجاه القطاع وربحيته
ومع تقديره للظروف الصعبة التي يمرّ بها الاقتصاد المحلي وموازنة الحكومة، لكن الهناندة انتقد النظرة القاصرة الى القطاع وربحيته والتوجهات الحكومية بين الحين والآخر، بالتفكير في جني أكبر قدر من الإيرادات من هذا القطاع، الذي يجب أن يدرك الجميع أنّه قطاع من الأكثر استثماراً في الشبكات والبنى التحتية والأكثر نجاحاً في نموذج المنافسة فيه، ومن الأكثر رفدا أيضا لخزينة الدولة، في مقابل نموه وربحيته.
وعلاوة على الاستثمار في البنية التحتية، والى جانبها الاستثمارات السنوية في مبادرات المسؤولية الاجتماعية، وأهمية الحفاظ على استمرار هذه الاستثمارات، أكد الهناندة كذلك أهمية الحفاظ على تنافسية السوق، وعدم التأثير عليها سلباً بقرارات طارئة قد تهدّد تنافسية القطاع وبالتبعية تأثر كل أطراف المعادلة بتأثيرات سلبية عندما تتراجع إيرادات الشركات وإيرادات الحكومة من القطاع.
وقال الهناندة “يجب أن نفكر ونخطّط لهذا القطاع برؤية واضحة مستقرة طويلة الأمد، مقتنعين بأن عدم الاستقرار في القرارات والتشريعات سيضع هذا القطاع ومن يرتبط به على المحك”، لافتاً الى أنّ “القطاع أيضا أصبح اليوم بما يقدمه من خدمات الإنترت عريض النطاق يشكل بدون مبالغة مستقبل الاقتصادات والدول كافة، لأنه سيشكل البنية التحتية لكل القطاعات الاقتصادية الأخرى”.
10 ملايين دينار الزيادة السنوية على فاتورة الطاقة للشركة
وعلاوة على توجّه الهيئة سابق الذكر، قال الهناندة إن السنوات القليلة الماضية شهدت تغييرات كثيرة في الحكومات، وهو ما تمخضت عنه تغييرات في التوجهات، والقرارات الخاصة بالقطاع، مؤكداً أهمية بناء استراتيجية وسياسة واضحة تحكم عمل القطاع خلال السنوات المقبلة إذا ما ارتأينا ضمان نمو القطاع وتطوير البنية التحتية للاتصالات في المملكة.
وفي هذا السياق أشار الهناندة مثلاً الى قرار الحكومة صيف العام الماضي برفع تعرفة الكهرباء على قطاع الاتصالات بنسبة بلغت 150 % الى جانب الزيادة في أسعار المحروقات، موضحاً أن هذه القرارات زادت من فاتورة الكهرباء والمحروقات على الشركة بمعدل 10 ملايين دينار في السنة.
وأشار الى أنّ هذا القرار شكّل عبئا جديداً على القطاع الذي يعتبر الأكثر تحملاً للضرائب والرسوم على مستوى المنطقة، في وقت يرفد فيه القطاع خزينة الدولة بمبلغ 350 مليون دينار سنوياً.
استثمارات جديدة في 2013
وعن الاستثمارات المتوقعة للشركة خلال العام الحالي قال الهناندة إن موازنة الشركة لم تقر بعد بشكل نهائي، ولكن الشركة تتجّه لضخ قرابة 50 مليون دينار كاستثمارات جديدة في 2013، وذلك لتطوير وتحديث الشبكات التي تقوم عليها الشركة، أو لتقديم الخدمات والحلول الجديدة، لافتاً الى أنّ هذا المبلغ لا يتضمّن المبالغ التي يمكن أن تنفق على إدخال “الجيل الرابع” إذا ما اتخذت الشركة قرارا بالاستثمار في هذه التقنية العام الحالي.
وأشار الهناندة الى أن قيمة استثمارات “زين الأردن” في البنية التحتية خلال الـ 17 عاما الماضية (أي منذ العام 1995 وحتى نهاية 2012) بلغ حوالي المليار و70 مليون دولار (750 مليون دينار).
ومع نهاية العام الماضي سجلت قاعدة اشتراكات الخلوي لدى “زين الأردن” 3.3 مليون اشتراك، بحصة سوقية 38.2 %، فيما بلغت قاعدة اشتراكات الجيل الثالث لدى الشركة مليون اشتراك، فيما تقدر حصة زين في سوق الإنترنت بنحو 37 %.
أعمال توسعة لشبكة الـ HSPA+
وعن تغطية شبكة الجيل الثالث بتقنية الـ HSPA+، قال الهناندة إنّ الشركة منذ إطلاقها الشبكة في الربع الأول من العام 2011، حرصت الشركة على أن تكون التغطية لمعظم أنحاء المملكة حتى في مناطق لا تتواجد فيها أية شبكات.
وبلغة الأرقام قال الهناندة إن الشركة تمتلك اليوم 11 مقسما رئيسيا، وحتى نهاية العام الماضي ضمت شبكة “زين الأردن” 1582 موقعا: تضم 3037 محطة عاملة (1737 محطة لخدمات الـ2G و1300 محطة لخدمات الـ3G).
وأشار الى أن الشركة تعتزم بناء 250 موقعا جديدا العام الحالي، ستضم 250 محطة لخدمات الـ G2 الى جانب بناء 400 محطة لخدمات الـ 3G، كما ستعمل الشركة على توسعة 300 محطة أيضا لخدمات الـ 3G.
استثمارات في المسؤولية الاجتماعية المستدامة
وعلى صعيد متصل أكّد الهناندة أن استثمارات الشركة لا تقف عند تطوير البنية التحتية والاستثمار في الشبكات، ولكن الشركة منذ انطلاقتها قبل 17 عاماً أعطت بند المسؤولية الاجتماعية اهتماماً كبيراً بفريق متخصص يعمل على مبادرات ومشاريع تحمل صفة “الاستدامة”، لافتاً الى أن بعض المشاريع والمبادرات في هذا الإطار يزيد عمرها عن عشر سنوات.
وقال الهناندة إنّ الشركة تحرص على توجيه برامجها للمسؤولية الاجتماعية في التنمية الاقتصادية المستدامة، مشيراً الى أن الشركة تنفق ما معدله 5 % من أرباحها سنويا على بند المسؤولية الاجتماعية.
وأشار الى أن الشركة زادت من إنفاقها على المسؤولية الاجتماعية العام الماضي عن المعدل السنوي، وذلك مع التحديات التي تمر بها المجتمعات المحلية، مستعرضاً حزمة من المبادرات التي أطلقتها الشركة العام الماضي واستهدفت مساعدة المجتمعات مثل مشروع عائلات زين، ومبادرة زين لدعم الفقراء بتوفير مادتي الغاز والكاز، والاستمرار في حزمة من المبادرات المجتمعية الأخرى.
وأكّد الهناندة أهمية توجيه برامج المسؤولية الاجتماعية على الأولويات الاقتصادية، وللشرائح الأكثر استحقاقاً وذلك بالتعاون بين شركات القطاعين الخاص والعام.
فقر في المحتوى وتطبيقات الاتصالات المحلية
ويرى الهناندة أنّ صناعة التطبيقات والمحتوى في السوق المحلية “ما تزال فقيرة وغير مكتملة النضج”، متوقعا أن يشهد العام 2013 مزيدا من البناء في هذه الصناعة.
وجدّد الهناندة دعوته الى عقد شراكات استراتيجية بين مشغلي الاتصالات وصانعي المحتوى والقطاعات الاقتصادية الأخرى، وذلك لإنتاج محتوى وتطبيقات محلية في مجالات التعليم والترفيه والصحة، والرياضة، والخدمات الحكومية، والقطاع المصرفي.
وقال الهناندة “أعتقد أن مستقبل الإنترنت، واستخدام التطبيقات والهواتف الذكية سيتوقف على هذا التوجه، ومدى جدية القطاعات الاقتصادية، والحكومة في تبنيه”.
صناعة الدفع الإلكتروني عبر الموبايل فرصة عظيمة
وضرب مثلاً كيف أن الرؤية، والتوجه محلياً لتبني صناعة الدفع الإلكتروني عبر الهاتف المتنقل ما تزال غير واضحة، مؤكداً أن الأرقام والتوجهات العالمية والتجارب في دول العالم أثبتت أن صناعة الدفع الإلكتروني عبر الهاتف المتنقل تنتظرها فرص عظيمة وتزداد هذه الفرص أهمية في سوق كالسوق الأردنية تضم أكثر من 8.5 مليون اشتراك خلوي، فيما تشير الأرقام الرسمية الى أن نسبة المواطنين ممن أعمارهم 15 سنة ما فوق ولا يمتلكون حسابات بنكية تزيد على 70 %.
وأشار الى شركة “زين الأردن” والاستفادة من تجارب شركات زين في أفريقيا، كانت أول من طبّق وأدخل خدمات الدفع والتحويل عبر الهاتف المتنقل في السوق المحلية وهي الخدمة التي حملت الاسم التجاري “إيه مال” التي تتمتع بدرجة عالية من الأمن والخصوصية.
الاستخدامات عامل مهم لانتشار الهواتف الذكية
وفي ظل ما تشهده سوق الاتصالات المتنقلة من تغييرات نحو مزيد من الاعتماد على التنقل وتبني الأجهزة الذكية المتنقلة، توقّع الهناندة مزيدا من الانتشار للهواتف الذكية في السوق المحلية خلال العام الحالي والسنوات القليلة المقبلة، وصولاً الى مرحلة سوف تسيطر فيها هذه الهواتف على الجزء الأعظم من الهواتف المستخدمة بين أوساط مشتركي الاتصالات.
لكن الهناندة أكّد أنّ الاستخدامات وتوافر التطبيقات والمحتوى المحلي هو “عامل حاسم” في مزيد من انتشار هذه الهواتف واستخدامها بالفعل كهاتف ذكي، متسائلاً عن النسبة الحقيقية للمستخدمين الذين يحملون هواتف ذكية ويستغلون مميزاتها كهواتف ذكية تقدم وظائف متعددة تتعدى الخدمات التقليدية كالصوت والرسائل القصيرة.
وقال الهناندة: “إن دولاً كثيرة توجهت لنشر ثقافة استخدام الأجهزة الذكية، بين مواطنيها في المجال التعليمي والمدارس، مثل تركيا والهند، وأعتقد أن الأردن يحتاج لنشر هذه الثقافة بنفس الطريقة، ولكن شريطة توفير محتوى وتطبيقات، تسهم في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وهو ما يستلزم كما ذكرنا سابقاً عقد شراكات بين الاتصالات والقطاعات الاقتصاية الأخرى”.
وتقدر نسبة انتشار الهواتف الذكية في المملكة بنحو 48 %.
العام 2012: عام حافل بالجوائز الإقليمية والعالمية
وخلال اللقاء أكد الهناندة غير مرة أن شركة “زين الأردن” ستبقى محافظة على ريادتها في السوق المحلية، والأسبقية في تقديم أفضل الخدمات وأكثرها تطوراً للمستخدم الأردني.
وحصدت الشركة العام الماضي العديد من الجوائز على المستويين الإقليمي والعالمي: منها الفوز بجائزتي “الخدمات الأكثر ابتكاراً 2012″، وجائزة “الاحتراف في قطاع الاتصالات للعام 2012” ضمن جوائز (CommsMEA).
كذلك حصدت الشركة ثلاث جوائز خلال مؤتمر عالم الاتصالات في الشرق الأوسط 2012، كأفضل مزود خدمات قيمة مضافة عن خدمة التجوال الدولي، وأفضل شبكه اتصالات، وأفضل مزود خدمات قيمة مضافة عن خدمات محفظة زين النقدية المتنقلة بالتعاون مع “تمويلكم”.
المصدر: جريدة الغد