«أمازون» توسع نطاق السوق الافتراضية في المنطقة
فولت
د.صلاح بن فهد الشلهوب
صفقة عملاقة تمت بين “سوق دوت كوم” و”أمازون” عملاق التجارة الإلكترونية عالميا، وذلك لشراء موقع سوق دوت كوم، ليكون ذراع أمازون في منطقة الشرق الأوسط، هذه الصفقة تبرز قضية مهمة فيما يتعلق بموضوع أهمية الأسواق الافتراضية، التي أصبحت اليوم لا تقل أهمية عن المحال التجارية التي نتعامل معها بشكل يومي، بل قد تكون فرص الأسواق الافتراضية أكبر مستقبلا، باعتبارها تصل إلى شريحة واسعة من العملاء بعيدا عن الموقع الجغرافي في ظل سهولة وصول العملاء إلى المواقع الإلكترونية.
واقع السوق الإلكترونية في منطقة الشرق الأوسط بصورة عامة ضعيف جدا، رغم شغف العملاء بالسوق الإلكترونية، وذلك بعد نجاح التجارة الإلكترونية في جوانب متعددة فيما يتعلق بكثير من الخدمات على مستوى المنطقة، خصوصا فيما يتعلق بالسياحة وشراء تذاكر الطيران التي أصبحت شائعة بصورة واسعة نظرا لسهولة وسرعة تنفيذها في أي وقت، إضافة إلى تسهيل مسألة الخيارات للزبائن، مقارنة بالأسلوب التقليدي الذي يعتمد على الشراء من المكاتب السياحية، وهذا شائع أيضا في حجز الفنادق ومجموعة متنوعة من الخدمات.
التجارة الإلكترونية في المنطقة عليها طلب عال من المستهلكين مع ضعف كبير في الخيارات لهم، ما جعل كثيرا منهم يلجأ إلى المواقع الإلكترونية العالمية لشراء بعض السلع، وهذا الفراغ الكبير وجدت فيه “سوق دوت كوم” مساحة كبيرة لجذب عدد هائل من الزبائن يوميا، و”سوق” ليست مجرد محل تجاري افتراضي بل هي سوق ضخمة لاستيعاب مجموعة كبيرة من التجار خصوصا المبتدئين منهم الذين لديهم بضائع قد تكون مختلفة نوعا ما عما هو موجود في السوق الاعتيادية، كما أن بعض المراكز التجارية وجدت في “سوق” منفذا لترويج بضائعها، وهذه هي السياسة التي تسير عليها “أمازون” كشركة عالمية تعتبر اليوم السوق الأضخم والأعلى قيمة عالميا.
الحقيقة أن التجارة الإلكترونية اليوم أصبحت أكثر رواجا من ذي قبل، ويتوقع أن يزيد حجمها بشكل كبير في المملكة، والشركات التي حققت نجاحا كبيرا في قطاع التجزئة في المملكة بدأت فعليا بفتح متاجر إلكترونية لزبائنها؛ استباقا لما قد يحدثه التوسع في التجارة الإلكترونية في المملكة.
الأسواق الإلكترونية يمكن أن تكون مستقبل التجارة خصوصا في قطاع التجزئة، وما زالت المملكة متأخرة نوعا ما في مثل هذه المبادرات من قبل رجال الأعمال، فالسوق الإلكترونية يمكن أن تحقق نتائج مبهرة خصوصا لرجال الأعمال المبتدئين بفتح منافذ غير متاحة لهم في السوق.
تتميز السوق الإلكترونية بأمور متعددة تخدم الاقتصاد منها، أنها أقل تكلفة بكثير مقارنة بالأسواق العامة؛ فالإيجارات وتكلفة القوى العاملة وتجهيز المحل التجاري، إضافة إلى تكلفة الخدمات ستكون محدودة جدا، مقارنة بواقع المحال العامة، كما أنها تتيح منافذ جيدة وواسعة للشباب من رواد الأعمال الذين لديهم ابتكارات وأفكار ومشاريع يريدون لها رواجا واسعا، وليس لديهم ما يكفي من إمكانات لتنفيذ حملات إعلانية واسعة وفتح محال تجارية. السوق الإلكترونية أو الافتراضية رغم صغر مساحتها على الواقع إلا أنها الأضخم من جهتين؛ الأولى من جهة الوصول إلى شريحة كبيرة من المستهلكين والوصول إلى مناطق واسعة محليا عالميا، وهذا يجعل من يكون مبادرا في هذا المجال أحد أشكال الدعم للاقتصاد خصوصا في المنطقة التي تفتقر كثيرا إلى الأسواق الإلكترونية أو الافتراضية.
كما أن الأسواق الإلكترونية ستكون أكثر انضباطا في جوانب متعددة في مثل ضريبة القيمة المضافة وتوثيق المعاملات ومراقبة الأنشطة بصورة عامة. كما أن الأسواق الافتراضية قد تخدم المستهلك بتوفير التكلفة المادية والوقت، إضافة إلى تمكينه من الحصول على السلعة في أي منطقة كانت حول العالم، وإذا ما انخفضت التكلفة على البائع فإنه سيعرضها بأسعار أكثر تنافسية للمستهلك، كما أن عرض السلع إلكترونيا سيجعل من العميل أمام خيارات لمقارنة الأسعار والمقارنة فيما بين السلع ذاتها.
يبقى أن الأسواق الإلكترونية ليست من الخيارات السهلة جدا التي يمكن أن يباشر العمل من خلالها بسهولة، فهي تحتاج إلى بنية تحتية إلكترونية متميزة، كما تحتاج إلى نظام حماية إلكترونية، إضافة إلى العناية فيما يتعلق بالتشريعات بما يحفظ حق المستفيدين، خصوصا مع جهات لا وجود لها في الواقع، فيما يرى المستهلك أنها بعيدة عنه، كما أنه من المهم تسهيل إجراءات إنشاء المتاجر الإلكترونية وتشجيع المحال التجارية القائمة على المشاركة فيها، إضافة إلى تشجيع عمل ونشاط شركات التوصيل العالمية، على أن تنشط في السوق لتسهل مسألة نقل البضائع بين المدن وتضمن سلامتها. فالخلاصة أن صفقة “سوق دوت كوم” و”أمازون” وحجمها الذي قد يفوق ملياري ريال تقدم مؤشرا على نجاح وشغف المستهلك العربي بالمتاجر الإلكترونية، وهنا تأتي أهمية العناية بها في المملكة لتكون لها الريادة في مشاريع قد تخدم الاقتصاد الوطني، وبما يدعم نجاح مشاريع الشباب.(الاقتصادية)