الاقتصاد الرقمي يغيّر أولويّات التسويق المصرفي – فولت

الاقتصاد الرقمي يغيّر أولويّات التسويق المصرفي

87

فولت

أكّد خبراء ومصرفيون أن الاقتصاد الرقمي أحدث تغييراً كبيراً في أولويات وأهداف تسويق الخدمات المصرفية، وأن تسويق البنوك منتجاتها للعملاء بشكل عشوائي في عصر التحول الرقمي وثورة الاتصال الاجتماعي لم يعد مجدياً، بل قد ينعكس سلباً على أداء البنوك، خصوصاً مع بروز مواضيع التحول الرقمي والاقتصاد السلوكي في القطاع، مشيرين إلى أن تحقيق التواصل المباشر مع العملاء وتعزيز العلامة التجارية للبنك هما من أهم أهداف التسويق الإلكتروني في هذه المرحلة.
وتوقع الخبراء ارتفاع معدل استثمار البنوك الإماراتية في التسويق الرقمي خلال العامين الجاري والمقبل، وذلك بفضل نجاح التسويق الإلكتروني في تطوير مستويات الأداء المصرفي ورفع مستوى تنافسية البنوك، الأمر الذي انعكس إيجاباً على مناخ الثقة والتفاعلية في علاقات البنوك مع عملائها ونمواً في حجم التعاملات المصرفية الرقمية والدفع الإلكتروني.
منظومة متكاملة
وقالت جمانة عنتر نائب الرئيس العالمي للاتصال في ماستركارد: إن الوسائل الرقمية باتت جزءاً لا يتجزأ من منظومة الاتصال العالمي، وهو ما يجعل مواكبة التطور التقني لتلبية الاحتياجات المتزايدة للعملاء وتعزيز سبل التواصل معهم أمراً ضرورياً، خاصة مع اعتماد المزيد من الأشخاص على الأجهزة الذكية في الدفع الإلكتروني وحرصهم على اختيار الخدمات السريعة والسهلة، مشيرة إلى أن الوسائل الرقمية أصبحت طريقة رئيسية للتواصل بين المؤسسات والأفراد، ما انعكس نمواً في حجم التعاملات المصرفية الرقمية والدفع الإلكتروني.
وأضافت: في عالمنا الرقمي اليوم، لم يعد ترك الانطباع الأول لدى المستهلك يستغرق أكثر من عدة ثوان، ولذلك أصبح يتعين علينا الابتكار والارتقاء بوسائل الاتصال للوصول إلى عدد أكبر من الأشخاص وتوسيع نطاق الفئات المستهدفة بشكل عام، بل وأيضاً كسب ثقتهم وترك انطباع إيجابي لديهم.
وأضافت: «على سبيل المثال، لم يعد أي شخص يرغب في اقتناء كاميرا رقمية، وإنما هاتف ذكي يشمل كاميرا، متطورة وعالية الوضوح، وفي الوقت ذاته يقوم بالعديد من المهام ويتصل مباشرة بالعالم الرقمي الخارجي.
وتلك إشارة واضحة إلى مدى سيطرة وسائل الاتصال الرقمية على العالم الذي نعيشه الآن، ما يجعلنا نفكر في إمكانية تحويل أية أداة إلى وسيلة للتجارة عبر الإنترنت يمكن ربطها في نهاية المطاف بحلول الدفع الإلكتروني».
تغير الأولويات
وقالت مريم الشرفاء رئيس الاتصال المؤسسي والتسويق في مصرف عجمان: إن عصر الإنترنت والاقتصاد الرقمي أحدث تغييرا كبيرا في أولويات وأهداف تسويق الخدمات المصرفية.
وأضافت: «في ظل تطورات عصرنا الحالي ومع التوسع الهائل في استخدام شبكة الإنترنت والتكنولوجيا الرقمية لتحقيق أهداف عولمة البنوك وتقديم خدمات مالية تنافسية، باتت البنوك والمؤسسات المالية حول العالم تتسابق من أجل تقديم خدماتها المصرفية وفق أحدث ما توصلت إليه ثورة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، بهدف تقديم قيمة متميزة للعميل.
حيث إن المفهوم التسويقي الحديث يعتبر رضا العميل هو الهدف الرئيسي، ونقطة البداية والنهاية لأي أنشطة تسويق مصرفية، وقد أدى ذلك إلى تعدد آليات التسويق الإلكتروني وتمكين العملاء المصرفيين من الاطلاع على أحدث الخدمات المقدمة، وبالتالي ارتفاع مستوى رضا المتعاملين من خلال تلبية احتياجاتهم المصرفية».
وأضافت: إن أهمية التسويق الإلكتروني ودوره في تعزيز العلاقة مع العملاء وأثره في جودة الخدمات المصرفية انبثقت خلال السنوات الخمس الأخيرة من خلال مسارعة البنوك لمواكبة أحدث التطورات لتزويد عملائها بأحدث الحلول المصرفية فور توافرها، إضافة إلى خلق جو من الثقة والتفاعلية في علاقات البنوك مع العملاء والوصول إلى قطاع عريض من العملاء عبر أحدث الوسائل الإلكترونية.
لذلك فإن إقبال وتجاوب العملاء يزداد بشكل كبير في ظل ارتفاع مستوى رضا المتعاملين، والتنوع في ازدياد الحلول المصرفية الرقمية التي تتناول هذه الخدمات، وأيضاً نتيجة لذلك يتم فتح قنوات التواصل المباشر بين البنوك وبين العملاء لإطلاعهم على أحدث الخدمات وبالتالي التوسع في قاعدة العملاء المستفيدين من الخدمات المصرفية المقدمة.
دور الأبحاث
وحول دور أبحاث التسويق الإلكتروني في تطوير التنافسية المصرفية قالت الشرفاء: «نقوم من خلال أبحاث التسويق المصرفي بدراسة وتقييم المنافسة المصرفية، لتحسين تجربة ومشاركة العملاء، وتطوير الخدمات المصرفية المقدمة وبشكل مستمر، وخاصة مع التطورات الرقمية المتسارعة، وأيضاً لتبسيط ديناميكات المعاملات المصرفية، لتحقيق ولاء العملاء الحاليين أولاً والحصول على عملاء جدد.
وبالنسبة لمستقبل الخدمات المصرفية فهناك برامج وفرق عمل متخصصة قائمة على تطوير القنوات الرقمية للخدمات المصرفية عبر صياغة توقعات العملاء وتطوير منصات رقمية متقدمة للخدمات المالية المصرفية».
وأضافت الشرفاء أن رؤية التسويق الإلكتروني هو تحقيق النجاح في مجال تنافسية الأعمال المصرفية، ويظهر ذلك من خلال تطور مستويات الأداء المصرفي ومتابعة التطورات الحديثة لعوائد تقديم الخدمات المالية المصرفية والازدياد المطرد في حجم المعاملات المصرفية، حيث مكنت تكنولوجيا الحلول البنكية الذكية المتعاملين عبر الأجهزة المحمولة من الاستفادة من الخدمات المصرفية الذكية.
وضوح الهدف
وأكّد نيكولاس لانت، الشريك الإداري، في شركة «انستينكتف بارتنرز» للتسويق في الشرق الأوسط أهمية رسم استراتيجية تواصل مكثفة في البنوك يتم تصميمها لأهداف محدّدة، خصوصاً في ظل الاضطرابات والتحولات الرقمية المتزايدة، وبهدف التواصل مع الزبائن والعملاء بنجاح.
مشيراً إلى أن قطاع البنوك في الدولة استطاع تقديم نموذج رائد للتسويق الإلكتروني يمكن لباقي القطاعات الأخرى التي تتعامل مع المستهلك مثل قطاع الضيافة والنقل وتجارة التجزئة أن تحذو حذوه، ولافتاً إلى أن حجم إنفاق البنوك على الإعلام الرقمي في الولايات المتحدة الأميركية وصل العام الماضي إلى أكثر من 7 مليارات دولار بنمو 14.5% عن العام الأسبق.
وقال: إن استهداف البنوك لعملائها بشكل عشوائي أو بالاعتماد على برامج الإحالة لم يعد مجدياً، محذراً من نتائجه السلبية، مشيراً إلى أن تحقيق التواصل المباشر مع العملاء وتعزيز العالمة التجارية للبنك هما من أهم أهداف التواصل في هذه المرحلة.
وأضاف: «التركيز على تصميم نموذج تسويق إلكتروني شخصي للمستهلك بات العامل الأهم في تطوير استراتيجية التسويق والاتصال في عصر «التحول الرقمي». كما أن نجاح الأعمال التجارية في يومنا هذا يُستمد من قدرة تقليل الاضطرابات في حياة المستهلك.
فيجب على استراتيجيات التسويق في البنوك أن تحاول مشابهة هذه الخصائص بهدف الوصول إلى المستهلكين. لذلك، أتمنى من البنوك، ألا يتصلوا بي أو يبعثوا لي رسائل نصّية عرضية ومتكررة ودون جدوى، إلا عند الطلب. ألم تسمعوا بمنصات وسائل التواصل الاجتماعي؟ عليكم أن تحسّنوا أداءكم وتكونوا أكثر فطنةً في فهم اهتماماتي التجارية».
والجدير بالذكر أن قطاع الخدمات المالية ليس وحده من يسعى لتحقيق التوازن بين الترويج المستمر للابتكار وتحقيق الاستقرار على المدى الطويل. بل كانت هناك معارك رئيسة أخرى تحدث في شركات سياحة وضيافة مثل «آيربنب» والنقل «أوبر».
وبالرغم من أن هذه الشركات قد أحدثت اضطرابات وزعزعة في قطاعاتها، فقد قامت بتقديم وتسويق الخدمات التي تلبي احتياجات جمهورهم المحددة. ففي مثل هذه الحالات، تيسّر الحلول الرقمية «التدمير الخلّاق واللازم» للنماذج القديمة والمُرهقة.
الاقتصاد السلوكي
وتابع قائلاً: اللافت لجوء رجال الأعمال المعروفين بالابتكار مناشدة أبسط الأفكار في دماغ المستهلك، نظراً لتزايد أهمية مفهوم الاقتصاد السلوكي في يومنا هذا.
وعلى سبيل المثال، تطبيق «أوبر» مع الخريطة يُعتبر نموذجاً مثالياً، حيث أصبح للشركة القدرة على الوصول للبرمجة الرقمية وإدارة البيانات الجماعية، مما وفّر لهم طريقة قليلة التكلفة للوصول إلى هدف التسويق العام، ألا وهو: «اعرف عملاءك وامنحهم ما يريدون وعندما يريدون». بالتالي يجري استبدال الخدمات القديمة وغير الفعّالة بخدمةٍ شخصية تتوقع احتياجات ورغبات العملاء.

You might also like More from author