ليس من حق الأشخاص محو ذاكرة الإنترنت – فولت

ليس من حق الأشخاص محو ذاكرة الإنترنت

58

جون جابر من لندن

ربما كانت محكمة العدل الأوروبية ترغب في مضاهاة المحكمة العُليا في الولايات المتحدة في استعراض قدرتها على سوء الحُكم. هذا قد يُفسر سبب حكمها هذا الأسبوع بأن تعميماً صدر قبل 19 عاماً يعني أن جوجل يجب أن تزيل نتائج البحث التي لا يحبها الأشخاص.

قد يكون هناك منطق غامض بموجب القانون الأوروبي لتصنيف محركات بحث الإنترنت باعتبارها “ضوابط بيانات” إلى جانب الناشرين الذين يحتفظون بالبيانات الشخصية مثل أجهزة كمبيوتر الحكومات. لكن هذا لا يُبينّ سوى أن تعليمات حماية البيانات لعام 1995 في الاتحاد الأوروبي بلهاء.

قريباً سيتم تشكيل خطة لإزالة الصور التي تكشف عن مناطق في الجسم، وأجزاء من الشائعات التافهة، والأوامر القانونية، وإدانات سابقة، وأي شيء يجده أي شخص محرجا له. قريباً، ستبدأ نتائج بحث الأشخاص بتمثيل سيَر ذاتية رسمية، تقوم فقط بتسجيل الحقائق التي يرغب أن يعرفها الأشخاص الآخرون، وليس ما تبقى من الواقع.

لنكن أكثر وضوحاً، هذا يتعلق بنتائج البحث في أوروبا. فأولئك الموجودون في الولايات المتحدة وآسيا لن يتأثروا، لا سيما أن جوجل في هونج كونج تقوم بتقديم نتائج البحث التي ترفض الحكومة الصينية إجازتها داخل البلاد بواسطة وسائل الإعلام التقليدية. ومن المحرج بالنسبة لقيادة الحزب أن تعمل صور قديمة لرجل يقف أمام دبابة في ميدان تيانانمين على تحويل الأنظار عن الوقت الحاضر.

وهذا مثال صغير على أحد الأمور التي لا بد أن تبدأ بالحدوث؛ ذات مرة كنت أفكر في شراء منزل من شخص في شركة للتطوير العقاري. وكنت كلما تعاملت معه أكثر، أصبحت شكوكي أكبر، لذلك لجأت إلى جوجل. وظهر على الصفحة الثانية من نتائج البحث، أنه كان قد أُدين بالاحتيال في العقد السابق، وتم منعه من مزاولة مهنة القانون.

لو كنت أنا هذا المُطوّر، كنت سأكتب رسالة إلى جوجل اليوم أطالب بإزالة نتيجة البحث هذه. ربما يجادل بأنه لا يعتبر شخصية عامة وأن جريمته كانت زلّة أثناء مرحلة الشباب. بموجب تفسير محكمة العدل الأوروبية للقانون الأوروبي، هذا الشخص يملك حجة قوية بأن قانون “الحق في أن يُنسى” ينبغي أن يحميه.

هذا قد يكون مفيداً بالنسبة له، لكن ليس لأولئك الذين يوقعون العقود بجهالة. ربما تقوم جوجل بصدّه على أساس أنها مسألة تتعلق بالمصلحة العامة، لكن بعدها بإمكانه أن يرفع شكوى إلى مفوض المعلومات في المملكة المتحدة وستضطر جوجل للدخول في صراع قانوني. وإذا تضاعفت هذه الحالة بالآلاف – ربما عشرات الآلاف – عندها محرك البحث ستكون لديه مشكلة.

هل ستتخذ جوجل موقفاً على أساس المبدأ بالنسبة للحقوق الأوروبية في حرية التعبير؟ أو أنها ستتراجع، وتقوم بثبات بمحو الروابط وتغيير خوارزميتها للبحث المحلي لتقليل النتائج المثيرة للجدل والحد من احتمال اعتراض الأشخاص؟ تدريجياً، ستختفي التجاعيد كما لو أن جرّاح التجميل كان يُجري عمليات البوتوكس على وجوه الأشخاص المغرورين.

السخافة في حُكم لوكسمبورج هي أن محركات البحث لن يعود مسموحاً لها أن تضع روابط لمواضيع ومعلومات منشورة بشكل قانوني. فهذا لا يشبه تطبيق حقوق الطبع والنشر في الولايات المتحدة، الذي بموجبه تستطيع شركات الموسيقى والأفلام جعل جوجل تزيل الروابط التي تؤدي إلى مواقع قرصنة المحتوى غير القانوني.

يتضمن حُكم محكمة العدل الأوروبية قضية الرجل الإسباني الذي تربطه نتائج بحث جوجل بمحضر عرض ملكية في المزاد العلني من صحيفة في عام 1998، الذي يذكر ديونه الماضية المتعلقة بالضمان الاجتماعي. فقد حكم المنظم الإسباني أن الصحيفة ليست ملزمة بإزالة الإشعار الرسمي الأصلي، لكن جوجل عليها التوقف عن وضع الروابط التي تؤدي إليه. واتفق معظم كبار القضاة في أوروبا على هذا الحكم.

بالتالي، الرجل المتضرر من الناحية الواقعية لا يملك الحق في أن يتم نسيان ماضيه، ما يملكه هو مجرد الحق بأن يصبح من الصعب على الآخرين العثور على المحضر. في المستقبل، إذا أراد أي شريك محتمل أو صاحب عمل التحقق من حُسن نيته في أوروبا سيكون عليه الوصول إلى مجموعة واسعة من مواقع الأخبار المحلية بشكل فردي، أو الوصول إلى محرك البحث الخاص بجوجل في الولايات المتحدة عن طريق شبكة خاصة افتراضية، أو مكالمة صديق أجنبي.

لقد تغيّرت التكنولوجيا كثيراً في العقود التي تلت وضع تعميم البيانات في الاتحاد الأوروبي. وكما كتب المحامي العام للمحكمة، نيلو جاسكينن، رأيا دعا فيه القضاة إلى إلغاء الحكم، قائلاً: “إن تطوّر شبكة الإنترنت إلى مخزون عالمي شامل من المعلومات التي يُمكن الوصول إليها والبحث عنها عالمياً، أمر لم يتوقعه الجهاز التنظيمي للجماعة الأوروبية”.

ولكي نكون منصفين، كذلك لم يتوقعه العديد خارج وادي السليكون. وبدلاً من انتظار تحديث جاهز للإنترنت، قام قُضاة أوروبا بتسجيل عواقب واسعة غير مقصودة على قانون. بالتالي، أي محرك بحث يقوم بتتبّع وفهرسة البيانات من مواقع إلكترونية يخضع لنفس الفئة القانونية كشركة تقوم بتخزين المعلومات الشخصية، ويكون عُرضة للمساءلة بالمثل.

هذا يمكن الدفاع عنه في القانون، لكن لا يحمل الكثير من المنطق. كما أنه ليس الطريقة الصحيحة للتعامل مع التحدّي الحقيقي بأن التغيير التكنولوجي جعل التحكم بالبيانات الشخصية أصعب بكثير بالنسبة للأشخاص. لقد تآكلت الخصوصية على يد منظمات القطاع العام والخاص، من الحكومات إلى فيسبوك، الذي يفشل في الحفاظ على أمان تفاصيل بطاقات الائتمان، والصور، وسجلات المحاكم وما شابه ذلك. ويستحق الأشخاص ما يدعوه بول بيرنال، وهو مُحاضر قانون في جامعة إيست أنجليا، “الحق في الحذف”. فالفرد ليس فقط لديه الحق في خصوصية البيانات، لكن أيضاً مطالبة أي منظمة – لينكدإن، أو تويتر، أو مكتب الطبيب، أو النادي الصحي – بحذف بياناته الشخصية عندما يرغب في إتلافها.

لكن هذا يختلف عن فكرة أن التاريخ ينبغي أن يكون مخفياً من الذاكرة الجماعية عن طريق تعديل تقني. إذا كان بإمكان ناشر جعل الموضوع متاحاً للعامة، فإن جوجل بالمثل تملك الحق في وضع رابط يؤدي إليها. وحقيقة: إن اكتشافها أصبح أسهل من ذي قبل يعتبر إضافة، وليس خللاً. فقد اعتاد الأشخاص الانتقال من بلدة إلى بلدة ببطء عن طريق ركوب الخيل والآن ينتقلون بالمركبات. أنا أدعو ذلك تطوراً.

You might also like More from author