وسائل التواصل الاجتماعي … قربت المسافات وجمدت المشاعر!
اصبح هناك تنوع في طرق التواصل الاجتماعي حيث اصبحت عبر «الانترنت»، ورسائل «الوتساب» كل ذلك أضعف من تبادل الزيارات مع الآخرين، سواء مع الأخ أو الأخت أو ابن العم أو على صعيد الصداقات لتصبح علاقة الشخص محصورة فقط ع الواتساب. ولا ننسى أهمية التقليل من استخدام «التقنية»، التي تعد من أهم أسباب انشغال الناس عن بعضها البعض، وكذلك مساهمتها في فتور العلاقات، ومما زاد الطينة بله، التعطل المفاجىء الذي اصاب خدمة «واتس اب» مطلع الاسبوع الحالي، بعد ان اشترته شركة «فيس بوك» بمبلغ خيالي وصل الى 19 مليار دولار اميركي، مما قطع التواصل بين الناس وزاد تذمرهم وشكواهم من فقدان التواصل المباشر فيما بينهم، وعبروا عن ذلك عبر تعليقاتهم على صفحاتهم الشخصية عبر الفيس بوك.
عبارات مخدرة
تقول فداء غالب «التي أصبحت تجد في كلمات «مشغول»، و»ليس لدي وقت»، و»متعب»، عبارات مخدرة لموت العلاقات والروابط بين الناس، فالجميع أصبح لا يهتم إلا بما يخصه، مؤكدة أن ذلك أسهم في التباعد الكبير بين الناس، حتى حينما يجتمعون ويكونون في مكان واحد.
وتذكر انه أصبحت علاقتها بأخوتها تعاني فتورا كبيرا نتيجة التعامل مع بعضهن عن طريق مسجات الانترنت والواتساب حتى المعايدة اصبحت عن طريق الواتساب .
مشيرة الى انه في العيد الماضي قامت اختها الصغرى بإرسال بطاقة معايدة عبر الواتساب ولم تقم بالاتصال بها الامر الذي جعلها تغضب منها وتعاتبها لعدم تواصلها معها بزيارة او اتصال مبررة ان الرسالة تكفي .
مشددة على ضرورة أن يعود الإنسان نفسه على التفاعل مع كل ما يخص المحيطين به من أصدقاء وأخوة وأفراد مجتمع، مبينة أن الانغماس في التواصل التقني لم يحدث الفتور في العلاقات الإنسانية فقط، بل أصبح يدخل إلى منزل الفرد ليتسلل إلى علاقته مع زوجته وأبنائه، وتلك معاناة حقيقية موجودة، بفعل التغير الكبير في الاهتمامات والتفكير.
تواصل
أما ناصر فواز أكد ضرورة التواصل بطرق اخرى ولا يجب الاعتماد على الانترنت وخصوصا « الواتساب « وذلك نتيجة ما حصل معه حيث كان مسافرا لانهاء عمل حيث اعتمد على التواصل عبر تلك البرامج مع عائلته ولم يمتلك خطا خارجيا ،والذي لم يكن متوقعا حدوث انقطاع في شبكة الانترنت والواتساب ومعه تم الانقطاع عن عائلته واخبارهم والتواصل معهم الامر الذي جعله يشعر وكأنه صار وحيدا في الدنيا وليس لديه أحد .
مبينا منذ ذلك الموقف وهو يحتاط على طرق التواصل الأخرى مع اصدقائه وعائلته .
الاكتفاء بالواتساب
وتقول عالية زياد :»إن انصراف الشخص عن العلاقات الإنسانية وعدم الاهتمام بها، يعد من الأمور السلبية التي استجدت على الحياة الاجتماعية، مضيفة أن الضعف الارتباطي ذلك لم ينعكس فقط على الجيران والأصدقاء، بل أيضا على الوالدين والأشقاء والمقربين، مما أثر في إضعاف علاقة الدم أيضا، مشيرة إلى أن صديقتها لديها ثلاث شقيقات وأخ واحد فقط، وعلى الرغم أنه لا يوجد من يعمل على أمورهن سوى ذلك الأخ، إلا أنه بعد سنوات أصبح مشغولا بشكل أثر على تواصله مع شقيقاته ووالدته، حتى لم يعد يزورهن سوى في الشهر مرة، مكتفيا بالتواصل معهن عبر الواتساب ومعرفة اخبارهن حتى عندما تعاتبه والدتها يرد عليها :» بأنه يعرف اخبارهم عبر الواتساب فما داعي للزيارة .
وأضافت أن تلك الأساليب تسببت في قطع الروابط الأسرية والاجتماعية، كما أنها تدفع ذلك المنشغل وغير المهتم إلى أن يتحول إلى شخص غير مبال.
تواصل حقيقي
وترى شيماء عبد الفتاح أنه الأشخاص الكبار بالعمر اغلبهم ما زالوا يولون الاخرين اهتماما بطرق التواصل المعروفة كالزيارات والاتصالات والسؤال الدائم ولا يعتمدون فقط على طرق التواصل الاجتماعية .
مشيرة إلى شقيقتها التي تعاني مع زوجها الذي يبقى مشغولا دائما بأصدقائه وبمحيطه الاجتماعي من أشقاء وأبناء عمومة، وأيضا بالمقربين منه، حتى أصبحت زوجته وأبناؤه لايلتقون به أبدا، مبينة أنه انعكس ذلك التفاعل الكبير مع الآخرين إلى «نقمة» على حياة أسرته، حتى أصبحت الزوجة تؤدي أمور منزلها بمفردها، وتتولى الاهتمام بالأبناء بمفردها، حتى وصل الحال بها إلى أن تعمل على إصلاح ما يتعطل من سباكة أو نجارة، دون اللجوء إلى أحد اخوتها للمساعدة.
وشددت على ضرورة أن يكون هناك توازن في حياة الإنسان، فليس عليه أن ينصرف بأسرته عن الآخرين فيتحول إلى شخص أناني، وليس المطلوب منه أيضا أن يهمل أسرته من أجل متعته ومصالحه وعلاقاته الاجتماعية، لافتة إلى أن التوازن والاهتمام بكل الضروريات في الحياة من سمات العقلاء.
العودة الى السابق
وتشير خولة ابراهيم ام لاربعة ابناء متزوجين الى انه كانت حياتهم سابقا اجمل بكثير من الان على الرغم من التطور والتكنولوجيا التي توصلوا لها مبررة ان هذه التقنية ابعدت ابنها المغترب عنها حيث يغيب بالايام عنها ولا يتواصل معها وعند سؤاله يتعذر بأنه انقطع الانترنت من عنده لذلك لم يتواصل معها حتى تمت اعادة الانترنت مبينة انها تتمنى ان تعود الحياة الى سابق عهدها حيث يبادر الابن بشكل يومي بالاتصال بوالديه لسماع صوتهم والتحدث معهم ولا يكتفي بالرسائل .
اما باسل محمد يخالفها الرأي مبينا ان خدمة الواتساب قربت الناس من بعضها البعض وذلك بمشاركتهم بالصور والفيديوهات التي يرغبون من الاهل رؤيتها كما انه لا يشعر الشخص المغترب او البعيد بأنه بعيد حيث يتواصل كل ساعة مع الاخرين وسماع الاخبار فهذا التطور جعل البعيد قريب .
بشكل متوازن
وأكد الأخصائي الاجتماعي الدكتور مجد الدين خمش في أستاذ مشارك في الجامعة الاردنية أن جفاف علاقات الناس ببعضها أصبح السمة الغالبة، سواء في محيط الأسرة الواحدة، أو محيط الجيران والأصدقاء، مضيفا أن سبب هذا الجفاف يعود إلى الاعتماد على خدمات الانترنت الاجتماعية والتي اوجدت نوعا من الاكتفاء الذاتي وربما امتد إلى الوالدين، مشيرا إلى أن ذلك يعود إلى طريقة التربية منذ الطفولة، حيث يربى الطفل على التقصير في أداء واجبات الجيران والأسرة، ويغذى على ثقافة «ليس لك علاقة بأحد»، فيكبر وهو مؤمن بهذه المبادئ التي تجعل منه إنسانا لا يكترث.
وقال خمش :» إن زيادة الروابط الاجتماعية يأتي من خلال التركيز على تعميقها، ومن خلال التربية الدينية والمدارس والأسرة، مشدد على ضرورة نشر ثقافة الترابط بين أفراد المجتمع لأننا فقدنا «الحميمية» فيما بيننا، ليس فقط في الأوقات الاعتيادية،حتى في المناسبات الهامة كالأعياد والأفراح وفي شهر رمضان، مؤكدا أن التباعد فيما بيننا هي السمة السائدة، مشيرا إلى أنه يعاني من ذلك الجفاف كبار السن والأطفال، ويذكر أنه في الوقت الحاضر لم يعد هناك إحساس بالآخر أو مواساته والتقرب منه، بل إن التواصل التقني حل مكان السؤال والتواصل، فأثر سلبا على علاقاتنا.
وأضاف أنه لا بد أن يكون هناك تعميق للتواصل الاجتماعي من خلال وسائل الإعلام والإعلانات، ومن خلال الفرد نفسه، الذي عليه أن يغير من نمط اهتماماته وتفكيره وينظر إلى الترابط بشكله العميق، وأن يكون هناك اهتمام بالآخرين بشكل متوازن.”الدستور _ إسراء خليفات”