مقالات مختارة

لندن ..حتى لا نرفع سقف التوقعات

  1. مؤتمر أو مبادرة لندن لحشد الدعم الاقتصادي للأردن، تقديرا لدوره في تحمل الصدمات نتيجة الصراعات الاقليمية، يأتي بدعوة من الحكومة البريطانية وبمشاركة ما يزيد عن 40 دولة، من بينها الدول الثمانية العظام (G8). أهمية هذه المبادرة بأنها تتيح الفرصة أمام الأردن، الرسمي والقطاع الخاص، لعرض الفرص الاستثمارية الممكن تنفيذها على أرض المملكة وتشكل أولوية تنموية للسنوات المقبلة، بما يساهم في تحفيز وتحقيق النمو الاقتصادي القادر على خلق فرص العمل وزيادة إيرادات الخزينة، وبالتالي تخفيض العجز في الموازنة، وتقليل الاعتماد على الدين لتمويل العجز، ما يمكن من وضع خطة خروج (Exit Strategy ) من نفق المديونية الذي تفاقم امام عدم ادارة ملف الطاقة بالكفاءة المطلوبة ردا على انقطاع الغاز المصري الذي بدأ في صيف عام 2009.

الحكومة، والتي لا تريد رفع سقف التوقعات من نتائج هذه المبادرة، على غرار لندن 2016 الذي جاءت نتائجه مخيبة للآمال سواء فيما يتعلق بتدفق الاستثمارات، او فيما يتعلق بتسهيل قواعد المنشأ امام الصادرات الأردنية إلى اسواق الاتحاد الأوروبي والتي اعتبرها الجميع آنذاك من أهم النتائج التي تمخضت عن لندن 2016، تحمل في جعبتها 128 مشروعات تم دراستها بعناية لتنفيذها من قبل مستثمرين محتملين من الدول المشاركة او المستثمرين المهتمين في العالم.

تأمل الحكومة، إلى جانب تنفيذ جزء من هذه المشروعات، إلى الخروج بمعادلة تمكنها من تخفيف عبء خدمة الدين الذي بات بحدود 94 بالمئة من الناتج المحلي الاجمالي وبما يقارب 3ر28 مليار دينار كقيمة مطلقة، وذلك بجدولة الديون ليس بإطالة مدة سداد القروض الحالية، بل عن طريق الاقتراض من المؤسسات المالية والمانحين الدوليين بشروط ميسرة وبفوائد متدنية، لسداد ديون حالية شروطها اصعب وفوائدها أعلى، وبالتالي تخفيف عبء الدين وتوزيعه على مدة زمنية يمكن تحملها.

لكن التساؤل الذي يطرح نفسه، طالما أن هذه المشروعات التي نعرضها امام المجتمع الدولي، مجدية اقتصادية، ومجزية ماديا، وتشكل اولوية تنموية وتسهم في توفير فرص عمل وفي تمكين الحكومة من محاربة الفقر والبطالة وزيادة ايرادات الخزينة، لماذا لا يتم تنفيذها برأسمال وطني محلي، على الاقل تلك المشروعات المتوسطة الحجم ونترك المشروعات الكبيرة للممولين الدويين؟ لماذا ننتظر المستثمرين الاجانب كي يتعرفوا على الفرص الاستثمارية، ونحن نولي ظهورنا لها؟

الاجدى والاجدر أن تطور الحكومة مفهوم الشراكة بين القطاعين العام والخاص بحيث تتيح المجال أوسع امام القطاع الخاص الأردني، الذي يمتاز بالقدرة والكفاءة على تنفيذ المشروعات، ليتولى تنفيذ ما يمكن تمويله محليا، والاكتفاء بطرح المشروعات الكبرى التي تحتاج تعاون اقليمي ودولي سواء في توفير التمويل المناسب أم في توفير الخبرات الفنية والتقنية للتنفيذ.

انا مع الحكومة في عدم رفع سقف التوقعات من مبادرة لندن، وإن كانت كمنصة مهمة للأردن ويجب استغلالها بأقصى درجة ممكنة، لأنه علينا ان نعتمد على انفسنا أولا في مواجهة التحديات التي تعترض طريق التنمية الشاملة، وبعد بذل كل الجهود الممكنة، نطلب التعاون مع الأخرين. ولنا في المنحة الخليجية مثال حي؛ فالمملكة لم تستطع استثمار 75ر3 مليار دولار منذ عام 2012 إلى عام 2018 إلا بما يمثل 75 بالمئة من قيمة المنحة التي تم الالتزام بها، كوننا لم نطرح مشروعات كافية للتوافق مع شروط واهداف المنحة والتي وضعتها الدول الثلاثة المانحة: السعودية والإمارات والكويت.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى