مقالات مختارة

أزمة البحر الأحمر

مع الهجوم الأميركي البريطاني على مواقع يمنية، يدخل حوض البحر الأحمر في أزمة تفاقم من المشاكل الاقتصادية على المستوى العالمي، الإقليمي والمحلي.

من المعلوم أن 80 بالمئة من التجارة العالمية تمر عبر الممرات المائية، ونحو 12 بالمئة منها تمر عبر البحر الأحمر، أبرزها نحو 7 ملايين برميل نفط يومياً، إلى جانب الغذاء المستورد الذي تعتمد عليه دول المنطقة والصادرات من الأسمدة والمنتجات الصناعية وغيرها.

كان البحر الأحمر من الممرات المائية الدولية الأمنة ودولا عديدة في المنطقة وضعت خططاً للتحول نحو موانئ البحر الأحمر بديلاً عن ممرات أخرى، شهدت ويتوقع أن تشهد، توترات تهدد بتوقف حركة البضائع، ومنها منطقة الخليج العربي الذي تأثر كثيراً بالحروب التي نشبت في المنطقة، إلى جانب الصراع في بحر الصين، وخصوصا خليج تايوان، والتقلبات الجوية التي تضرب خليج المكسيك، أكبر منصات إنتاج وتصدير النفط في العالم.

لكن البحر الأحمر تحول إلى مصدر تهديد منذ العدوان الإسرائيلي على غزة في السابع من تشرين الثاني 2023، وتطور هذا التهديد بعد محاولات الحوثيين منع السفن المتجهة إلى دولة الاحتلال ووصل إلى قمته فجر يوم 12 كانون الثاني الحالي بالعدوان الدولي على اليمن.

على المستوى العالمي، تكاليف الشحن البحري ارتفعت نحو 3 اضعاف وحسب وجهة الحاوية، وقت التسليم زاد بين 15 إلى 20 يوماً حسب الوجهة أيضا، وزيادة تكلفة التأمين المرتبط بالمخاطر، وهو ما يؤدي إلى زيادة تكلفة المواد والتي غالبا ما يعكسها المستورد على سعر البيع النهائي ما يولد ضغوطا تضخمية جديدة بعدما عانى الاقتصاد العالمي تبعات امتصاص الضغوط التضخمية في أخر سنتين، حيث أدت هذه التدابير إلى زيادة أسعار الفائدة.

اقليميا، هناك نحو 20 دولة تستخدم البحر الأحمر كممر مائي أول لصادرتها أو الممر الأخير لمستورداتها وهذه تأثرت بشكل مباشر بأزمة البحر الاحمر، لكن هذه الدول لديها بدائل أخرى على الممرات المائية وتستطيع أن تتغلب على مشكلة الشحن البحري.

الأردن، على المستوى المحلي، من أكثر المتضررين، فمن الشمال تعطلت عمليات التصدير عبر سوريا بعد الربيع العربي، وتوقف تصدير الكثير من المواد عبر البحر الأحمر، الممر البحري الوحيد للأردن على غرب وشرق العالم، وهو الشريان التي تمر منه معظم المستوردات وصادرات الاسمدة والملابس التي تتجه للسوق الأميركية.

العالم الغربي بدلا من معالجة جوهر الأزمة، بوقف اطلاق النار من الجانب الإسرائيلي، والتوصل إلى حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية، القضية المركزية للصراع في الشرق الأوسط، يحاول معالجة اعراض المشكلة.

جلالة الملك عبدالله الثاني، حذر مرات ومرات وعبر عديد المنصات الدولية والاقليمية، من أن ترك القضية الفلسطينية بدون حل سيؤجج الصراع في المنطقة ويغذي التطرف الذي باتت مظاهره تهدد الأمن والاستقرار الإقليميين ويعطل شرايين التجارة العالمية.

فايق حجازين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى