ما هي نتائج ” المقاطعة”؟

آن الأوان لاستعراض النتائج التي نجمت عن «المقاطعة» التي أعلنها المستهلكون الأردنيون لعلامات تجارية ترتبط وبحسب وجهة نظرهم بدول تدعم الكيان الصهيوني بحربه الوحشية على قطاع غزة، وخاصة أن تلك الحملة دخلت شهرها الثاني، فهل تحققت أهدافها؟ ومن هم الخاسرون والرابحون منها؟.
أولا لابد من التفريق بين العلامات التجارية التي يحصل فيها مستثمر محلي على امتياز وحقوق استخدام الاسم التجاري لتلك الماركة أو العلامة وبين علامات تجارية لها فرع اقليمي في المملكة، وهنا سنجد أن غالبية العلامات التجارية التي تم إعلان مقاطعتها مملوكة لمستثمرين أردنيين حصلوا على حقوق استخدام الاسم مقابل مبلغ مالي عن كل عام، ولهذا هم الآن يخسرون ومضطرون لدفع حصة تلك الشركات سواء عملوا أو لم يعملوا، وهنا نجد أن المقاطعة لم تضر في الشركات الأم.
أثر المقاطعة لا يتوقف عند المستثمرين المحليين الذين يملكون امتياز استخدام الاسم التجاري، فالعلامات التجارية المقاطعة وفي أغلبها تشغل أردنيين بنسبة 100%، وهذا يعني أن عشرات الالاف منهم اصبحوا مهددين بالتسريح وفقدان العمل ما لم يسرحوا اصلا، وجل هؤلاء العاملين من الطلبة والشباب الذين اغلقت بوجوهم اسواق العمل الأخرى، فاختاروا كسر ثقافة العيب بالعمل بالعلامات التجارية المقاطعة الآن، فلماذا نعاقبهم بذنب غيرهم؟.
أنا لست بالتأكيد من انصار المقاطعة العمياء، وتحديدا تلك التي لاتميز ما بين الضار والنافع وتتبع العواطف والمزاودة والشعبويات والأنانية مع الآخرين، وكذلك أنا بالتأكيد مع دعم المنتج المحلي القائم على القناعة بها لا اتباع الفزعة في دعمها، وضد انهاء شيء واحياء شيء فنحن في اقتصاد مفتوح فيه المنافسة متاحة للجميع ولا فرق بينهما إلا بالجودة، وضد الأنانية مع ابنائنا العاملين في تلك العلامات حتى ولو كانوا عشرة عاملين وليسوا بالالاف والذين هم اليوم يعودون تحت وطأة البطالة من جديد.
إذن دعونا نعترف بكل صراحة أن الشركات الأم للعلامات التجارية لم تتضرر ما دام وكيلها والمستثمر المحلي يقوم بالدفع لها سواء باع أو لم يبع، خاصة أن غالبية الوكالاء يدفعون مبلغا ماليا محددا لتلك الشركات بدل استخدام الاسم ويبقى لها بقيه المبلغ والتي تذهب رواتبا وأجورا ومشتريات وتدخل في دوران العجلة الاقتصادية، والأهم من ذلك أن عمالتنا الوطنية قد عادت لتنضم من جديد لصفوف البطالة.
خلاصة القول، أن هذا الوطن المستقر لايحتمل أي مزاودة حاليا فاقتصاده ناشئ وصغير قائم على الخدمات في أغلبه، ومثل هذه التصرفات العاطفية قد تزعزع استقراره الذي هو ملجأ ملايين المهاجرين من تركوا بلدانهم بحثا عن الاستقرار والاطمئنان والكرامة، وبأي محاولة لزعزة استقراره الاقتصادي تهديدا للاقتصاد الكلي الوطني الذي هو اخر معاقل الاستقرار بالمنطقة، ولهذا اجعلوا الأردن أولا وأخيرا في تفكيركم وكل تصرفاتكم.”,