هدوء نسبي في أعمال الشغب بفرنسا مع تفاقم الخسائر الاقتصادية

قالت الحكومة الفرنسية إنَّ أعمال الشغب والعنف تراجعت في الليلة الخامسة من الاضطرابات التي بدأت منذ أن قتل شرطي مراهقاً في ضاحية شمال غرب باريس.
ألقت الشرطة القبض على 427 شخصاً خلال الليل، بانخفاض عما يزيد عن 1300 في الليلة السابقة. كما نشرت الحكومة 45 ألفاً من أفراد الشرطة في جميع أنحاء فرنسا في محاولة للحد من العنف الذي تمخض عنه نهب محال تجارية وتدمير مبان.
خطر سياسي على ماكرون
تشكل الاضطرابات خطراً سياسياً على الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، الذي ألغى زيارة دولية كان من المفترض أن تبدأ اليوم الأحد إلى ألمانيا، حتى يتسنى له التعامل مع الوضع الداخلي. وكان قد دعا الأسبوع الماضي الآباء في الكنيسة والمسؤولين الاجتماعيين إلى المساعدة في إنهاء العنف.
كتب وزير الداخلية الفرنسي، جيرالد دارمانان، على “تويتر” في ساعة مبكرة من صباح اليوم الأحد: “ليلة أهدأ بفضل الإجراءات الحازمة للشرطة التي ألقت القبض على 427 شخصاً منذ بداية المساء”.
أفادت وكالة الصحافة الفرنسية بأنَّ جنازة خاصة أقيمت أمس السبت في مسجد بضاحية قريبة من باريس للمراهق الذي كان يبلغ من العمر 17 عاماً، وينحدر من أصول شمال أفريقية. وتتنامى الاضطرابات التي شُبهت برد الفعل في الولايات المتحدة على مقتل جورج فلويد في 2020، لتصبح بمثابة “لحظة الحساب” في فرنسا.
أقيمت جنازة نائل في نانتير، الذي قُتل برصاصة قاتلة من مسافة قريبة في سيارة. وأظهر مقطع مصوّر نُشر على مواقع التواصل الاجتماعي ضابطي شرطة يميلان نحو السيارة، قبل أن يطلق أحدهما النار بينما كان السائق يبتعد. ولم تكشف السلطات عن اسم عائلة نائل.
نهب وتدمير ممتلكات
وُجّهت للشرطي الذي أطلق النار على نائل تهمة القتل، وهو محتجز على ذمة المحاكمة. فيما قال باسكال براش، المدعي العام في نانتير، يوم الخميس، إنَّ الشروط القانونية لاستخدام السلاح لم تراعَ.
من جانبه، صرّح وزير المالية الفرنسي، برونو لو مير، أمس السبت، أنَّ عشرة مراكز تسوق، وأكثر من 200 متجر، و250 متجر تبغ، و250 فرعاً لبنوك تعرضت للهجوم أو النهب.
وأضاف: “أعمال العنف والنهب في جميع أنحاء البلاد غير مقبولة على الإطلاق. هذه الأفعال لا تُغتفر”.
أوضح لوران فرانك لينارد، محامي الشرطي، لإذاعة “يوروب 1” أنَّ موكله ظن أنَّه “بحاجة” إلى إطلاق النار. وقالت والدة نائل، التي عُرفت باسم مونيا فقط، في مقابلة مع “فرانس 5” إنَّها لا تُحمّل الشرطة المسؤولية. وأضافت: “ألوم شخصاً واحداً فقط، وهو الشخص الذي قتل ابني. لقد رأى طفلاً صغيراً بوجه عربي. فأراد أن يقتله”.
تتجدد الاضطرابات الآن في فرنسا بعد أحداث 2005، التي اندلعت فيها أعمال شغب لأسابيع بعد مقتل صبيين في محطة كهرباء فرعية عقب مطاردة الشرطة لهما. كما سلطت الضوء على ممارسات الشرطة الفرنسية، بالإضافة إلى التوتر المستمر منذ فترة طويلة في ضواحي البلاد الفقيرة.
في 2005، أعلنت الحكومة الفرنسية حالة الطوارئ التي استمرت قرابة شهرين. وبرغم تجنّب ماكرون هذه الخطوة في الوقت الحالي؛ لكنَّ السلطات أمرت يوم الجمعة بإلغاء بعض الفعاليات والتجمعات.
قلق حكومي شديد
تشكل الاضطرابات مصدر قلق للحكومة الفرنسية التي واجهت بالفعل احتجاجات استمرت عدة أشهر بسبب قانون إصلاح معاشات التقاعد الذي لا يحظى بشعبية، ودفع ما يصل إلى 1.28 مليون شخص إلى الاحتجاج مؤخراً في مارس.
توقفت تلك المسيرات في مايو، حين اعترفت النقابات العمالية الفرنسية بأنَّها فشلت في إجبار ماكرون على التراجع.
- بلومبرغ