أسواق ماليةاخبار عالميةرئيسي

كيف أقحم بوتين “المركزي” الروسي في حرب أوكرانيا؟

يزيد الرئيس فلاديمير بوتين من انخراط الاقتصاد الروسي في حربه ضد أوكرانيا، إذ طوّع البنك المركزي لظروف القتال تحت إشراف ضابط عسكري حاصل على وسام شرف تولى منصب نائب المحافظة إلفيرا نابيولينا.

لا يستحوذ على اهتمام يذكر دور سيرغي بيلوف المسؤول عما يعرف باسم “المؤسسات الميدانية” التي توجه الأموال بفاعلية من موازنة الدولة إلى القوات المحاربة. بخلاف محافظة المركزي الروسي إلفيرا نابيولينا وغيره من كبار المسؤولين، لا يخضع بيلوف لعقوبات دولية.

أصبح بيلوف، البالغ من العمر 52 عاما، نائب محافظة المركزي الروسي في مايو 2022 ويشرف على المكاتب الميدانية بالتوازي مع نظام تداول النقد.

بفضل تخرجه من الأكاديمية الاقتصادية بوزارة الدفاع، تولى سابقاً إدارة فرع البنك المركزي في سيفاستوبول، وهي مدينة تقع في شبه جزيرة القرم الأوكرانية التي ضمها بوتين في عام 2014.

“المركزي” يدير مؤسسات نيابة عن وزارة الدفاع
قال نيكولاي كروتوف، مؤرخ الشؤون المالية في روسيا، إن الوضع يمثل سابقة تعد الأولى من نوعها في التاريخ الحديث أن يتولى المسؤول عن الأمور المتعلقة بالجيش لدى البنك المركزي أيضا مسؤوليات مدنية.

المؤسسات الميدانية، التي يديرها البنك المركزي نيابة عن وزارة الدفاع، تجري معاملات مصرفية لضمان تجاوزها البنوك التجارية وتجنب كشف أسرار الدولة. بموجب القانون، تمثل المؤسسات الميدانية فرعاً عسكرياً يخضع للوائح العسكرية.

يدير البنك المركزي الروسي نحو 90 مكتباً ميدانياً مكلفاً بالعمل بالقرب من وحدات الخطوط الأمامية. وتلبي تلك المكاتب الاحتياجات المصرفية من فتح حساب جاري أو عمليات السحب النقدي من تحويل الأموال وحتى إصدار بطاقات الدفع الخاصة بها.

على الرغم من تطويع قطاعات كبيرة من الاقتصاد لدعم الغزو، سعى المركزي الروسي إلى تصوير نفسه على أنه معقل للتكنوقراط الذين يركزون على ضبط السياسة النقدية في بلد يخضع لحصار غير مسبوق بسبب العقوبات الدولية.

قال أوليغ فيوجين، النائب الأول السابق لمحافظ المركزي الروسي: “يبدو أن تعيين شخص متخصص يتمتع بخلفية عسكرية ليكون مسؤولا عن تداول النقد يتناسب مع روح العصر.. الآن هو الوقت المناسب في روسيا للأشخاص المنتمين إلى الوسط العسكري والأمني إذ لديهم فرص أكيدة لمسار مهني ناجح في العديد من القطاعات المدنية”.

نفوذ واسع لقسم “بيلوف” الغامض
لم يستجب البنك المركزي لطلب التعليق. لدى سؤالها عن المؤسسات الميدانية في مؤتمر صحفي في أبريل، قالت محافظة البنك المركزي الروسي إلفيرا نابيولينا فقط إن المكاتب تعمل على النحو المنشود منها.

القسم الغامض الذي كان يديره كبير المحاسبين بالبنك المركزي قبل بيلوف، أصبح ركيزة حيوية لاقتصاد الحرب حيث يحاول الكرملين إقناع المزيد من الروس بالتطوع للقتال من خلال تقديم الحوافز والمزايا المالية.

توسع نفوذ بيلوف مع احتلال روسيا لأجزاء من أربع مناطق في شرق وجنوب أوكرانيا بعد صدور مرسوم حكومي خلال العام الجاري يعطي المؤسسات الميدانية سلطة التعامل مع موارد موازنة سكان تلك المناطق.

في فبراير، حضر بيلوف اجتماعاً عقد في مدينة ماريوبول المحتلة حول تقديم الخدمات المالية.

أيضاً، أقر مجلس النواب الروسي مشروع قانون في مارس لنقل مسؤولية دفع أجور وبدلات جميع أفراد القوات المسلحة إلى المؤسسات الميدانية والبنوك التي تختارها الحكومة، لضمان أمن البيانات المتعلقة بالجيش.

هل يحافظ المركزي الروسي على استقلاليته؟
تمتع البنك المركزي الروسي في عهد نابيولينا بدرجة يحسد عليها من الاستقلالية حتى أنه حصل ذات مرة على لقب “الأكثر اتباعاً للسياسات النقدية التقليدية” في البلدان النامية بأوروبا. بعد محاولتها الاستقالة في أعقاب الهجوم الذي شنته روسيا خلال فبراير 2022 على أوكرانيا، عينها بوتين لفترة ولاية جديدة مدتها خمس سنوات.

في نفس ذلك الوقت تقريباً، بدأ التحول داخل البنك المركزي لمواكبة الواقع الجديد. خلال مارس 2022، اشترى البنك المركزي أكياس نوم وخياماً ومواقد الخشب لمؤسساته الميدانية.

ثم في غضون أسابيع، تمت ترقية بيلوف – الذي تولى رئاسة قسم المؤسسات الميدانية منذ عام 2021 – إلى منصب نائب نابيولينا، لكنه لم يصبح عضواً له حق التصويت في مجلس الإدارة الذي يقرر السياسة النقدية.

كانت ترقيته علامة على الأهمية التي يحظى بها المنصب ورمزية أيضا بسبب من حل مكانه – ميخائيل أليكسييف، وهو مصرفي مخضرم ورئيس سابق لفرع ” يوني كريديت” الإيطالي في روسيا، والذي طالته العقوبات الأميركية في أبريل 2022.

الجدارة العسكرية
لا تتوافر معلومات كثيرة عن السيرة الذاتية الرسمية لبيلوف، وهو من مواليد تامبوف بجنوب روسيا، وأمضى معظم حياته المهنية في البنك المركزي، حيث بدأ كرئيس الخزينة في المؤسسات الميدانية. حصل على وسام الاستحقاق العسكري بموجب صدور مرسوم رئاسي في عام 2009.

كان الوقت الذي أمضاه بيلوف في شبه جزيرة القرم بعد الضم يعني أنه كان حاضراً عندما فرضت روسيا التعامل بالروبل ووضعت نظاماً مالياً جديداً، وهي تجارب مفيدة على الأرجح في ظل سعي روسيا جاهدة أن تمتص موارد المناطق المحتلة الأخرى. تستعد أوكرانيا لشن هجوم مضاد بهدف استعادة الأراضي.

زاد الطلب على النقد بعد أن حل الروبل الروسي مكان الهريفنيا الأوكرانية في تلك المناطق خلال يناير، حسبما صرح نائب رئيس مجلس إدارة المركزي الروسي، أليكسي زابوتكين، للصحفيين في مؤتمر صحفي يوم الاثنين.

وصف سيرغي دوبينين، محافظ البنك المركزي الروسي في الفترة من 1995 إلى 1998، المكاتب الميدانية بأنها وسيط بين المبالغ المخصصة في الموازنة والأقسام العسكرية الفعلية.

في حين حافظ على علاقات وثيقة مع الجيش، قال إنه لا يتذكر أن مسؤولاً يتمتع بخلفية عسكرية شغل منصب نائب محافظ البنك المركزي الروسي.

  • بلومبرغ

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى