أسعار السكر العالمية ترتفع رغم فائض الإمدادات

الارتفاع الكبير في سعر السكر، يخفي وراءه حقيقة أن العالم قد ينهي هذا الموسم بتحقيق أول فائض من هذه المادة منذ أربع سنوات.
سجلت العقود الآجلة للسكر أعلى مستوى لها منذ ست سنوات الأسبوع الماضي، ما يهدّد بمزيد من الضغوط التضخمية مع ارتفاع أسعار المخبوزات والحلوى والمشروبات الغازية. وعلى الرغم من أن البرازيل، وهي أكبر دولة مصدرة للسكر، ستجمع على الأرجح محصولاً أكبر بكثير، إلا أن هذه الإمدادات لن تصل إلى الأسواق قبل بداية موسم الحصاد في أبريل تقريباً، بينما تعاني هذه الأسواق اليوم من ضيق في المعروض.
تعود ظروف السوق هذه إلى ضعف الإنتاج في الهند والذي سيحدّ من صادراتها على الأرجح، وإلى تضرر الإنتاج الأوروبي من موجات الجفاف التي شهدتها القارة، فضلاً عن حالة عدم اليقين التي تسبب بها حظر استخدام المبيدات في أوروبا. وإضافة إلى ذلك، تحوّل المصانع الهندية مزيداً من قصب السكر لإنتاج الإيثانول، فيما يُتوقع أن تسهم إعادة فتح الصين في زيادة الطلب.
هناك بالفعل علامات على أن ارتفاع أسعار السكر يتسبب في زيادات أسعار البيع بالتجزئة في متاجر البقالة في الولايات المتحدة وأوروبا.
قال رحيل شيخ، العضو المنتدب لشركة “مير كوموديتيز إنديا” (Meir Commodities India): “مصدر القلق الأكبر، هو شحّ المخزونات على مستوى العالم.. اليوم، يُستبعد أن تكون هناك صادرات إضافية من الهند، وفي حال حدثت أي صدمة في البرازيل، فستشتعل السوق العالمية”.
ارتفع سعر السكر الخام في نيويورك يوم الثلاثاء، بنسبة 0.3% ليسجل 20.73 سنت للرطل، فيما بلغت العقود الآجلة في الأول من فبراير، 21.86 سنت للرطل.
في ما يلي لمحة عما يحدث في السوق:
الصادرات الهندية
لطالما كانت كميات التصدير من الهند، وهي ثاني أكبر دولة زراعةً لقصب السكر- محل تساؤل رئيسي في السوق. وخلال الأسبوع الماضي، خفّضت جمعية مصانع السكر الهندية توقعاتها لشحنات السكر إلى حوالي 6 ملايين طن للموسم الجاري، بعدما أضرّ سوء الأحوال الجوية بالإنتاج، وهو ما يجعل احتمال سماح الحكومة الهندية بتصدير كميات إضافية من السكر، أمراً مستبعداً.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يؤدي سعي الهند إلى تعزيز إنتاج الإيثانول، إلى تحويل المزيد من قصب السكر نحو إنتاج الوقود الحيوي، بدلاً من السكر.
محاصيل البرازيل
يُفترض أن تحصد البرازيل أفضل محاصيلها على الإطلاق، بعد أن أثرت موجات الجفاف والصقيع على المحاصيل السابقة. لكن الطقس الجيد سيسمح بمعالجة المحاصيل باكراً، ما يزيد المنافسة على مساحات التخزين في الموانئ خلال فترة ذروة شحن إمدادات فول الصويا القياسية. ولذلك، يستعد المنتجون والتجار لازدحام الموانئ.
قد تؤدي القدرة التصديرية المحدودة إلى رفع علاوة السكر في التعاملات الفورية، كما قالت آنا زانكانر، المحللة في تطبيق “تشاب” (Czap) التابع لـ”تشارنيكو غروب” (Czarnikow Group). أثار ارتفاع أسعار الوقود مؤخراً مخاوف من لجوء مصانع البرازيل إلى تحويل المزيد من قصب السكر إلى إنتاج الإيثانول، رغم أن إنتاج السكر لا يزال أكثر ربحية بالنسبة إليها.
قلق أوروبي
تضطر أوروبا بالفعل إلى استيراد كميات أكبر من السكر، بعدما أضرّت موجات الحر والجفاف بالإنتاج. والآن، يتعرض الإنتاج لتهديد أكبر من قرار الاتحاد الأوروبي الذي يفرض حظراً على استخدام مبيدات النيونيكوتينويد، وهو نوع من المبيدات الحشرية الضارة بالنحل.
في علامة على شحّ الامدادات، يشير التجار إلى أن بعض شركات الأغذية الأوروبية لا تزال تدفع مقابل السكر المكرّر أكثر من 1000 جنيه استرليني (1204 دولارات) للطن في السوق الفورية، أي أعلى بكثير من المبلغ الذ تدفعه عادةً، الأمر الذي يشكّل ضغطاً على هوامش الربح.
مصادر أخرى
لن تكون الإمدادات التايلاندية الأكبر كافية لسد الفجوة التي خلفها كل من انخفاض محاصيل الهند وأي تأخير محتمل في الشحنات البرازيلية، حسبما قالت شركة “تاي شوغر ميلز” (Thai Sugar Millers).
في الولايات المتحدة، أدت اضطرابات إمدادات سكر البنجر إلى رفع أسعار السكر المكرّر، لتطال أسعار الحلوى والمخبوزات. كما يُتوقع تراجع الإنتاج في المكسيك، المورد الرئيسي للولايات المتحدة.
زيادة الطلب
يجب أن تسهم إعادة فتح الصين لحدودها في تعزيز الطلب، كما قال مايكل ماكدوغال، العضو المنتدب في شركة الوساطة “باراغون غلوبال ماركتس” (Paragon Global Markets). ويأتي ذلك بينما تتنافس شركات الأغذية، التي استفادت من المخزونات الفائضة في السنوات للماضية، على إمدادات محدودة حالياً.
يشكل شحّ المعروض مصدر قلق كبير لصناعة الأغذية والمشروبات في إندونيسيا، أكبر دولة مستوردة للسكر، والتي تصدّر سلعاً مثل المعكرونة سريعة التحضير المعروفة بالـ”نودلز” والمشروبات المحلّاة. وقالت جمعية مصافي السكر الإندونيسية إن الدولة قد تلجأ إلى استيراد السكر من البرازيل وأستراليا لسد أي فجوة محتملة من الهند.
ما الذي يحدث أيضاً؟
قال سوميت بانيرجي، رئيس التداول في شركة “الخليج للسكر” ومقرها دبي، إن المضاربة المفرطة عززت موجة الصعود، ويُرجح أن يسهم الفائض المحتمل في تراجع الأسعار.
أما على جانب العرض، فتشكل المحاصيل الأخرى الأكثر ربحية تهديداً لزراعة محاصيل السكر، إذ أشار ماكدوغال من “باراغون” إلى أن ارتفاع أسعار الحبوب تسبّب “في استحواذها على مساحات زراعية كانت مخصصة للبنجر وقصب السكر في عدد من الدول”.
- بلومبيرغ