أسواق ماليةاخبار عالميةرئيسي

سيناريو التضخم في 2023.. توقعات إيجابية بعد “ذروة يونيو”

لايزال التضخم خلال العام 2023، بالنسبة للمستثمرين والمستهلكين والاحتياطي الفيدرالي، مصدر قلق اقتصادي كبير، تماما كما كان في عام 2022.

وفي حين يأمل العملاء الاقتصاديون بأن تستمر وتيرة ارتفاع الأسعار بالتباطؤ، تدرس وول ستريت بشكل مكثف بيانات مؤشر أسعار المستهلك لشهر ديسمبر، والتي من المرتقب إصدارها الخميس.

وارتفعت أسعار المستهلك بنسبة 7,1 في المئة على أساس سنوي حتى نوفمبر. ولا يزال يمثل ذلك ارتفاعا كبيرا وتاريخيا، ولكنه انخفض بشكل ملحوظ عن ذروة زيادات الأسعار التي بلغت 9,1 في المئة في يونيو الماضي، حسب ما جاء في تقرير لـ”سي أن أن”.

ويأمل الخبراء الاقتصاديون أن تهدأ ضغوط التضخم أكثر مع تقدم العام. ولكنه حلم بعيد المنال، بحسب التقرير، الذي استبعد أن تنخفض الزيادات في الأسعار قريبا إلى المستوى الذي حدده الاحتياطي الفيدرالي (2 بالمئة). وقالت الخبيرة مجال الاستثمار، نانسي تنغلر، في تقرير، إن “التضخم سيستمر في التقلب”.

وأضافت تنغلر أن “ارتفاع وانخفاض التضخم متماثلان في الغالب، فقد استغرق الأمر 16 شهرا للوصول إلى الذروة ونتوقع الآن أن الأمر سيستغرق قدرا مماثلا من الوقت للوصول إلى مستوى مقبول، بعد أن وصلنا إلى الذروة في يونيو”.

ومن المفترض أن تسمح المستويات المنخفضة للتضخم لمجلس الاحتياطي الفيدرالي بمواصلة تباطؤ وتيرة زيادات أسعار الفائدة. ويأمل التجار في سماع خبر جيد عبر الحصول على زيادة ربع نقطة فحسب من الاحتياطي الفيدرالي الشهر المقبل، ويراهنون على أن الاحتياطي الفيدرالي سيتوقف عن رفع أسعار الفائدة في وقت لاحق من هذا العام.

ويشير تقرير “سي أن أن” إلى أن هناك أخبار جيدة للأشخاص الذين ما زالوا يتطلعون إلى شراء منزل. فارتفاع معدلات الرهن العقاري وزيادة أسعار السكن أثارت المخاوف من حدوث انهيار آخر في العقارات السكنية، كما حصل أواخر عام 2000.

فمع انخفاض حالة عدم اليقين من المستويات المرتفعة الحالية، يجب أن تتبدد المخاطر المقابلة، مما يؤدي إلى انخفاض معدلات الرهن العقاري وتحسين القدرة على تحمل التكاليف. وتجنب السيناريو السيئ في قطاع الإسكان سيكون خبرا جيدا للبنوك. ومن المرتقب أن يعلن العديد من كبار المقرضين في البلاد عن أرباحهم للربع الرابع الجمعة.

وكان أداء أسهم البنوك، مثل معظم الأسواق، سيئا في عام 2022. وأدى ارتفاع أسعار الفائدة إلى إضعاف الطلب على القروض.

وكان التقلب في وول ستريت أيضا مشكلة رئيسية لوحدات إدارة الأصول في كبرى الشركات المالية. وبالنظر إلى انتعاش السوق في الربع الرابع من 2022، ارتفع مؤشر ستاندارد آند بورز 500 بنسبة 7 في المئة خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة من العام، حسب “سي أن أن”.

ويُعرف التضخم بأنه “ضريبة على الفقراء” لأنه يؤثر على ذوي الدخل المنخفض، وقد أدى تضخم في خانة العشرات إلى زيادة التفاوت وعدم المساواة في أنحاء العالم. ففي حين يمكن للمستهلكين الأكثر ثراء الاعتماد على المدخرات التي تراكمت خلال عمليات الإغلاق إبان الجائحة، يجد آخرون صعوبة في تغطية نفقاتهم ويعتمد عدد متزايد على بنوك الطعام، حسب ما ورد في تقرير سابق لرويترز.

ومع حلول الشتاء في نصف الكرة الشمالي، يزداد الضغط على تكاليف المعيشة مع ارتفاع فواتير الوقود. ونظم العمال إضرابات في قطاعات من الرعاية الصحية إلى الطيران للمطالبة بأن تواكب الأجور التضخم. وفي معظم الحالات، اضطروا للقبول بأقل مما يطلبون.

وتهيمن مخاوف تكاليف المعيشة على سياسات الدول الغنية، وفي بعض الحالات يُغض الطرف عن أولويات أخرى مثل إجراءات مكافحة تغير المناخ.

وفي حين أن الانخفاض الذي تشهده أسعار البنزين في الآونة الأخيرة قد خفف بعض الضغط، فإن التضخم لا يزال محور تركيز إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن. ويوسع نظيراه الفرنسي إيمانويل ماكرون والألماني أولاف شولتس ميزانيتهما لتوجيه مليارات اليورو إلى برامج الدعم.

ولكن إذا كانت الأمور صعبة في الاقتصادات الصناعية، فإن ارتفاع أسعار المواد الغذائية يزيد من حدة الفقر والمعاناة في البلدان الفقيرة، من هايتي إلى السودان ولبنان إلى سريلانكا. ويقدر برنامج الأغذية العالمي أن 70 مليونا آخرين في جميع أنحاء العالم باتوا على شفا المجاعة منذ بداية حرب أوكرانيا في ما يسميه “تسونامي الجوع”، حسب رويترز.

وكان التضخم الاقتصادي خلال العام 2022 الشغل الشاغل لصانعي السياسات، فانهمك القادة في لقاءاتهم، لاسيما مجموعة العشرين، بالبحث عن حلول للأزمة العالمية التي تتزامن مع تباطؤ اقتصادي. فجاء تقرير أكتوبر لصندوق النقد الدولي بعنوان، “مجابهة أزمة المعيشة” في دلالة على الجهود العالمية بوجه موجة التضخم الحادة.

وتشير التنبؤات إلى تباطؤ النمو العالمي من 6,0 في المئة خلال عام 2021 إلى 3,2 في المئة في عام 2022 ثم 2,7 في المئة في عام 2023، في ما يمثل أضعف أنماط النمو على الإطلاق منذ عام 2001 باستثناء فترة الأزمة المالية العالمية والمرحلة الحرجة من جائحة كورونا، حسب تقرير “آفاق الاقتصاد العالمي” الصادر عن صندوق النقد الدولي خلال أكتوبر 2022.

وحسب التنبؤات عينها، سيرتفع التضخم العالمي من 4,7 في المئة في 2021 إلى 8,8 في المئة في 2022 ليتراجع لاحقا إلى 6,5 في المئة في 2023 و4,1 في المئة في 2024.

وأشار البنك الدولي إلى أن الاقتصاد العالمي يشهد الآن أشد معدلات التباطؤ في أعقاب تعاف ما بعد الركود منذ عام 1970. وتمر أكبر 3 اقتصادات في العالم، وهي الولايات المتحدة الأميركية والصين ومنطقة اليورو، بتباطؤ حاد للنمو. وفي ظل هذه الظروف، فإن مجرد وقوع صدمة خفيفة للاقتصاد العالمي خلال العام المقبل قد تهوي به إلى الركود.

  •  الحرة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى