الأسهم الأميركية تختم الأسبوع الأول من 2023 مرتفعة وسط انتظار حذر

بدأت سوق الأسهم الأميركية الأسبوع الأول من العام 2023 بإيجابية، بعد أن أغلقت المؤشرات الرئيسية، الجمعة، على ارتفاع إثر صدور بيانات بشأن تباطؤ الأجور، فعاد تفاؤل المستثمرين الذين علقوا آمالهم على أن بيانات الأجور ربما تخفف من الزيادات في أسعار الفائدة.
فقد أظهر تقرير الوظائف، الذي يصدر شهريا عن وزارة العمل الأميركية، استمرار تباطؤ نمو الأجور. وارتفع متوسط الأجر في الساعة 0,3 في المئة في ديسمبر عن الشهر السابق، بانخفاض من 0,4 في المئة عن الزيادة في نوفمبر، حسب وول ستيريت جورنال.
وجاء في التقرير أيضا أن أرباب العمل أضافوا 223 ألف وظيفة في ديسمبر، وهو أقل مكسب في عامين، ولكن أكثر من 200 ألف الذي توقعه الاقتصاديون.
إثر ذلك، ارتفعت الأسهم الأميركية، الجمعة، وزاد المؤشر داو جونز الصناعي 700,53 نقطة أو 2,13 في المئة ليغلق عند 33630,61 نقطة.
وأغلق المؤشر ستاندرد آند بورز 500 مرتفعا 86,98 نقطة أو 2,28 في المئة إلى 3895,08 نقطة.
وزاد مؤشر ناسداك 2,6 في المئة، أي ما يعادل 264,05، ليقفل عند 10569,29.
فقد كان الجمعة أفضل يوم لمؤشر داو جونز وستاندرد آند بورز 500 منذ 30 نوفمبر والأفضل لمؤشر ناسداك منذ 29 ديسمبر، حسب ما ورد في تقرير سي أن بي سي.
وارتفعت المؤشرات الثلاثة بنحو 1 في المئة أو أكثر خلال الأسبوع، وفق وول ستريت جورنال.
وتظهر الأرقام الصادرة عن وزارة العمل، ضمن تقرير الوظائف، قدرة الشركات الأميركية على الاستمرار في التوظيف، ما يبيّن أن سوق العمل صامدة رغم زيادة أسعار الفائدة التي يفرضها بنك الاحتياطي الفيدرالي والتي أثارت مخاوف بشأن ركود محتمل.
وارتفعت الأجور بنسبة 4,6 في المئة عن العام السابق، بانخفاض عن المكاسب بنسبة 4,8 في المئة في نوفمبر وأقل بكثير من ذروة مارس.
ما علاقة بيانات الأجور بالفائدة والأسهم؟
رشحت وول ستريت جورنال أن البيانات الجديدة قللت المخاوف مما يسمى بدوامة الأجور والأسعار، والتي تقول إن الموظفين يطالبون برفع الأجور استجابة لارتفاع الأسعار، ويؤدي تدفق الأموال إلى جيوبهم إلى زيادة التضخم.
ومثل هذا السيناريو كان يمكن أن يضغط على بنك الاحتياطي الفيدرالي لرفع أسعار الفائدة بقوة. ومن المرتقب أن يتخذ البنك المركزي الأميركي قراره التالي بشأن الفائدة بداية فبراير.
وقال بعض المستثمرين إن تقرير الوظائف الصادر الجمعة يشير إلى أن الاقتصاد الأميركي يسير في طريقه نحو الاستقرار، حيث يرفع بنك الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة بما يكفي لخفض التضخم، ولكن من دون التسبب في انكماش مؤلم.
إيجابية الأسواق
وأظهر محضر اجتماع السياسة الأخير لمجلس الاحتياطي الفيدرالي، والذي صدر الأربعاء، أن المسؤولين يتوقعون الاستمرار في رفع أسعار الفائدة في حالة ثبوت استمرار ضغوط الأسعار. وفي غضون ذلك، أضافت بيانات التوظيف ليوم الجمعة دليلا على أن سوق العمل في الولايات المتحدة لا يزال قويا، وهو وضع يفيد العمال، ولكنه قد يزيد من الضغوط التضخمية، حسب وول ستريت جورنال.
وقال المحلل المالي مايكل آرون إن “كل ما يهم المستثمرين هو أن البيانات تشير إلى أن التضخم يتجه نحو هدف الاحتياطي الفيدرالي”، حسب سي أن بي سي.
وكان ارتفاع الجمعة واسع النطاق، حيث سجلت جميع القطاعات الـ11 لمؤشر ستاندارد آند بورز 500 المكاسب.
وانخفضت عائدات السندات بعد تقرير الوظائف الجمعة، وانخفض العائد على سندات الخزانة القياسية لأجل 10 سنوات إلى 3,57 في المئة من 3,72 في المئة الخميس.
بغير محلها؟
اعتبر غولدمان ساكس أن الأسبوع الأول من العام يشير إلى تقلب في المستقبل بالنسبة للأسهم، فربما لا يرغب المستثمرون في أن يكونوا متحمسين للغاية بشأن ارتفاع الجمعة.
وقال المحللون في غولدمان ساكس في مذكرة، الجمعة، إنه “رغم البيانات الإيجابية، يشعر كل من قطاعي التصنيع والخدمات بأن الأمور تزداد سوءًا”، حسب ما ورد في تقرير سي أن بي سي.
وتابع غولدمان ساكس أن “هذا المزيج غير المعتاد الذي نشهده الآن من بطء النمو والتضخم المرتفع وتقييمات سوق الأسهم المرتفعة من المرجح أن يؤدي إلى مشهد تداول غير متكافئ. ومن المحتمل أن يعني ذلك عوائد متواضعة للأسهم هذا العام”.
من جهته، يقول محلل الاستثمار، مايكل آرون، إلى أن “المستثمرون يحتفلون بحقيقة أن متوسط الدخل في الساعة جاء أقل من المتوقع. وكان هناك خوف من أن يظل تضخم الأجور مرتفعا”.
وتشير وول ستريت إلى أن بعض الدلائل تلفت إلى الضعف الاقتصادي. وانخفض مقياس معهد إدارة التوريد الذي يراقب عن كثب ظروف العمل في الشركات الموجهة للخدمات، والذي صدر الجمعة، إلى 49,6 في المئة في ديسمبر من 56,5 في المئة في نوفمبر، وهي المرة الأولى التي يظهر فيها انكماشا منذ بداية الوباء.
وخلال الأسابيع الأخيرة، كان مديرو الأموال يأملون في أن يتباطأ التضخم بسرعة في الأشهر المقبلة، ما قد يدفع مجلس الاحتياطي الفيدرالي إلى البدء في خفض أسعار الفائدة في وقت لاحق من هذا العام. إلا أن هذا الأسبوع ذكّر المستثمرين بأن الطريق إلى الأمام ربما يكون أكثر تعقيدا.
هل تهدأ السوق خلال العام 2023؟
لفت تقرير سابق لـ”ذي إيكونوميست”، مجلة أسبوعية بريطانية، إلى أن أسعار الفائدة باتت أعلى في معظم أنحاء العالم، وأكثر مما كانت عليه منذ أكثر من 15 عاما، وأنه على ما يبدو أن التضخم آخذ في الانحسار، أقله في الولايات المتحدة الأميركية، رغم أن العديد من البلدان في أوروبا لا تزال تعاني من ارتفاع تكاليف الطاقة، ويبدو أن الزيادات في الأسعار قد تباطأت في أوروبا.
ورجحت أنه “ربما يكون التعديل المطلوب في الأسواق قد حصل، رغم أنه كان مؤلما كثيرا”.
إلا أنه قد يكون هذا التحليل خاطئا، أيضا بحسب، “ذي إيكونوميست”، إذ لا يزال هناك فجوة بين ما يقول بنك الاحتياطي الفيدرالي إنه سيفعله وما يتوقعه المستثمرون منه. ويقول البنك المركزي إنه قد يتعين عليه رفع أسعار الفائدة فوق 5 في المئة خلال العام 2023، وتركها عند هذا المستوى.
وهذه الخطة لا تتوافق مع توقعات المستثمرين، الذين يراهنون، رغم تحذيرات باول، على أن الخفض الأول لسعر الفائدة قد يحصل في وقت قريب من الصيف المقبل.
قلق خبراء الاقتصاد
كان التضخم الاقتصادي خلال العام 2022 الشغل الشاغل لصانعي السياسات، فانهمك القادة في لقاءاتهم، لاسيما مجموعة العشرين، بالبحث عن حلول للأزمة العالمية التي تتزامن مع تباطؤ اقتصادي. فجاء تقرير أكتوبر لصندوق النقد الدولي بعنوان، “مجابهة أزمة المعيشة” في دلالة على الجهود العالمية بوجه موجة التضخم الحادة.
وتشير التنبؤات إلى تباطؤ النمو العالمي من 6,0 في المئة خلال عام 2021 إلى 3,2 في المئة في عام 2022 ثم 2,7 في المئة في عام 2023، في ما يمثل أضعف أنماط النمو على الإطلاق منذ عام 2001 باستثناء فترة الأزمة المالية العالمية والمرحلة الحرجة من جائحة كورونا، حسب تقرير “آفاق الاقتصاد العالمي” الصادر عن صندوق النقد الدولي خلال أكتوبر 2022.
وحسب التنبؤات عينها، سيرتفع التضخم العالمي من 4,7 في المئة في 2021 إلى 8,8 في المئة في 2022 ليتراجع لاحقا إلى 6,5 في المئة في 2023 و4,1 في المئة في 2024.
وأشار البنك الدولي إلى أن الاقتصاد العالمي يشهد الآن أشد معدلات التباطؤ في أعقاب تعاف ما بعد الركود منذ عام 1970. وتمر أكبر 3 اقتصادات في العالم، وهي الولايات المتحدة الأميركية والصين ومنطقة اليورو، بتباطؤ حاد للنمو. وفي ظل هذه الظروف، فإن مجرد وقوع صدمة خفيفة للاقتصاد العالمي خلال العام المقبل قد تهوي به إلى الركود.
- الحرة