اخبار عالميةتكنولوجيارئيسي

تكنولوجيا جديدة توفر طاقة غير محدودة ونظيفة قد تحدث “انقلابا عالميا”

بعد الاختراق العلمي الذي كشفت عنه وزارة الطاقة الأمريكية، أول أمس، في مجال إنتاج الطاقة من خلال الاندماج النووي، تتوقع الأسواق ضخ استثمارات كبيرة في التكنولوجيا الجديدة التي يمكن أن توفر طاقة غير محدودة.

وقال كريس جرادومسكي كبير محللي اقتصادات الطاقة النووية في خدمة بلومبرغ لتمويل الطاقة الجديدة إن المستثمرين سيضخون أكثر من مليار دولار في التكنولوجيا الجديدة خلال العام الحالي. ورغم أن هذا الرقم أقل من الاستثمارات التي تم ضخها في هذا المجال خلال العام الماضي، وكانت 6ر2 مليار دولار، فإنها تقريبا ثلاثة امثال الاستثمارات المماثلة في 2020، ومن المنتظر تنامي هذه الاستثمارات خلال السنوات المقبلة.واشارت بلومبرغ إلى أنه من المتوقع تزايد زخم الاستثمار في تكنولوجيا الاندماج النووي بعد إعلان العلماء الأمريكيين في إنتاج كمية طاقة من الاندماج النووي تفوق كمية الطاقة المستخدمة في الاندماج، وهي خطوة حيوية نحو الاستفادة من تكنولوجيا الاندماج للحصول على طاقة لا نهائية على نطاق تجاري. ويفتح الإنجاز العلمي الجديد الباب أمام إمكانية إقامة محطات لإنتاج الطاقة النووية من خلال الاندماج.

وقال جادومسكي إن الاختراق العلمي الأخير يضع تكنولوجيا الاندماج النووي على خريطة الاستثمار، مشيرا في الوقت نفسه إلى انه مازالت هناك الكثير من العقبات التكنولوجية والهندسية التي يجب التغلب عليها قبل استغلال هذه التقنية على نطاق تجاري، في حين هناك عشرات الشركات المستعدة للاستثمار في تكنولوجيا الاندماج.

 ومن بين الشركات العاملة في مجال تطوير تكنولوجيا الاندماج وجذبت استثمارات ضخمة في العام الماضي، كومنولث فوجون سيستمز وتي.أيه.إي تكنولوجيز وهيليون إنيرجي.

كما تضم القائمة شركات حققت استثمارات كبيرة شركات مثل مارفيل فوجون  وجنرال فوجون وتواكامك إنيرجي ليمتد وزاب إنيرجي.

من ناحيتها رصدت الولايات المتحدة دعما إضافية لتمويل أبحاث الاندماج النووي من خلال برنامج قيمته 50 مليون دولار.

“اختراق علمي كبير”

وأعلنت وزارة الطاقة الأمريكية، أول أمس الثلاثاء، عن “اختراق علمي كبير” في مجال الاندماج النووي، يمكن أن يحدث ثورة في انتاج الطاقة ويمهد الطريق للابتعاد عن الوقود الأحفوري.
واقترب العلماء الأمريكيون خطوة أخرى من تحقيق حلم إنتاج كهرباء نظيفة موثوقة لا تنضب، حسبهم.

وقد ذكرت وزارة الطاقة الأمريكية أن تجربة للاندماج النووي أنتجت طاقة أكبر مما استهلكته للمرة الأولى، في أول تجربة قد تحدث انقلابا في مجال إنتاج الطاقة بأكمله.

وقالت الوزارة على تويتر إن “هذا إعلان استغرق عقودا كي يتم”.

وقالت الوزارة إنه “في الخامس من كانون الأول/ ديسمبر عام 2022، صنع فريق من مختبر لورنس ليفرمور الوطنى ، التاريخ بتحقيق الاشتعال الاندماجى . هذه الانفراجة ستغير مستقبل الطاقة النظيفة والدفاع القومي الأمريكي إلى الأبد”.

ويمثل الاختراق نقطة تحول على طريق تطوير مورد جديد للطاقة، يمكن ربما يوما ما، أن يولد الكهرباء بكميات هائلة بطريقة مستدامة وآمنة.

وقالت وزيرة الطاقة الأمريكية جينيفر جرانهولم: “لذا، نقول للعالم اليوم أن أمريكا حققت اختراقا علميا هائلا”.

وأضافت: إعلان اليوم خطوة هائلة للأمام في إطار هدف الرئيس لتحقيق اندماج للأغراض التجارية في غضون عقد من الزمان”ووصفت الوزيرة، بدء الاشتعال الاندماجي بأنه “اختراق علمي كبير”، من شأنه أن يؤدي إلى تحقيق “تطور في مجالات الدفاع الوطني ومستقبل الطاقة النظيفة”.

وقال أراتي برابهاكار، كبير مستشاري الرئيس للعلوم والتكنولوجيا ومدير مكتب البيت الأبيض لسياسة العلوم والتكنولوجيا إن “المرحلة المهمة اليوم تظهر ما يمكننا القيام به بالمثابرة”.

من جهته قال مختبر لورانس ليفرمور الوطني التابع لوزارة الطاقة الأمريكية “ببساطة، هذا هو أحد أكثر الإنجازات العلمية إثارة للإعجاب في القرن الحادي والعشرين”.
ووفق تغريدة للمختبر على تويتر، فإنّ تجربة أجراها الأسبوع الماضي “أنتجت من خلال الاندماج النووي كمية أكبر من الطاقة” المستخدمة في أجهزة الليزر لبدء التفاعل.
واعتبرت مديرة مختبر لورانس ليفرمور، كيم بوديل الاندماج النووي، بأنه “أحد أهم التحديات العلمية التي واجهتها الإنسانية على الإطلاق”.
وعلى عكس الانشطار النووي الذي يمد العالم بالكهرباء، فإن الاندماج لا يولد انبعاثات من ثاني أكسيد الكربون أو غيره من غازات الدفيئة إلى الغلاف الجوي.
ومن ثم يمكن للاندماج النووي أن يؤدي دورا في التخفيف من حدة تغير المناخ في المستقبل، وفق تقرير للوكالة الدولية للطاقة الذرية.

وكان الباحثون قد حاولوا لعقود استنساخ عملية الاندماج التي هي بالأساس الطريقة التي تمد الشمس بالطاقة.
و”في حال أمكن استنساخ الاندماج النووي للشمس على كوكب الأرض، سيكون بمقدورنا توفير طاقة لا تنضب، تتسم بكونها نظيفة ومأمونة وميسورة التكلفة لتلبية الطلب على الطاقة على الصعيد العالمي”، وفق الوكالة الدولية.
وتقول الوكالة إن الاندماج يسفر عن إنتاج كمية ضخمة من الطاقة تبلغ أربعة أضعاف كمية الطاقة التي تنتج عن تفاعلات الانشطار النووي.
ويأتي النجاح العلمي في وقت يعاني فيه العالم من ارتفاع أسعار الطاقة ويشعر بضرورة التخلص من حرق الوقود الأحفوري لمنع ارتفاع درجات الحرارة العالمية إلى مستويات خطيرة.

“انجاز تاريخي”

واعتبر علماء أميركيون “الاختراق العلمي الكبير” في مجال الاندماج النووي، بأنه “إنجاز تاريخي” على مسار البحث عن مصدر للطاقة النظيفة وغير المحدودة من شأنه ان يضع حدا للاعتماد على الوقود الأحفوري.

يعمل العلماء منذ عقود على تطوير الاندماج النووي – الذي وصفه مؤيدوه بأنه مصدر نظيف ووفير وآمن للطاقة يمكن أن يسمح للبشرية في نهاية المطاف بإنهاء اعتمادها على الوقود الأحفوري الذي يعد السبب في أزمة المناخ العالمية.

ولإنتاج الطاقة، تستخدم محطات الطاقة النووية حول العالم حاليًا الانشطار – الذي يقوم على شطر نواة ذرة ثقيلة. أما الاندماج فيجمع بين ذرتين من الهيدروجين الخفيف لتكوين ذرة أثقل من الهيليوم ويُطلق كمية كبيرة من الطاقة خلال هذه العملية.

وهذه هي العملية التي تحدث داخل النجوم، بما فيها الشمس.

وعلى الأرض، يمكن إثارة تفاعلات الاندماج عن طريق تسخين الهيدروجين إلى درجات حرارة قصوى داخل أجهزة متخصصة.

يستخدم الباحثون في مختبر لورانس ليفرمور الوطني منشأة الإشعال الوطنية الضخمة – تضم 192 ليزرًا فائقة القوة موجهة جميعها إلى أسطوانة بحجم كشتبان مملوءة بالهيدروجين.

على غرار الانشطار، يكون الاندماج خاليًا من الكربون أثناء التشغيل، ولكن مزاياه لا تتوقف عند هذا الحد؛ فهو لا يطرح خطر حدوث كارثة نووية وينتج نفايات مشعة أقل بكثير من الانصهار.

ولكن الطريق ما زال طويلًا قبل أن يصبح الاندماج قابلاً للتطبيق على نطاق صناعي.

وشدد مختبر لورانس ليفرمور الوطني على أنه “لا تزال هناك حاجة إلى العديد من التطورات العلمية والتكنولوجية المتقدمة لتحقيق طاقة انصهار بالقصور الذاتي لتزويد المنازل والشركات بالطاقة”.

وقال إريك لوفيفر مدير المشاريع في لجنة الطاقة الذرية الفرنسية لوكالة فرانس برس إن ذلك قد يستغرق 20 أو 30 عاما أخرى.

ولكن خبراء المناخ يحذرون من أن العالم لا يمكنه الانتظار كل هذا الوقت لتقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري والحد من تأثيراته الخطيرة.

ويجري تطوير مشاريع أخرى للاندماج النووي في مختلف أنحاء العالم، بما في ذلك المشروع الدولي الكبير المعروف باسم المفاعل النووي الحراري التجريبي الدولي (إيتر) ITER وهو قيد الإنشاء حاليًا في فرنسا.

بدلاً من الليزر، سيستخدم ITER تكنولوجيا تُعرف باسم الحصر المغناطيسي تحتوي على كتلة دوامة من بلازما الهيدروجين الاندماجية داخل حجرة ضخمة على شكل كعكة دائرية.

نقطة تحول قد تحدث انقلابا في إنتاج الطاقة

وفي لندن، تحدث جيريمي تشيتيندين، المدير المشارك لمعهد دراسات الاندماج بالقصور الذاتي بكلية لندن الإمبراطورية عن “لحظة اختراق حقيقية، وهي مثيرة بشكل هائل”.

وأضاف تشيتيندين ، وفقا لبيان صحفي صادر عن الكلية الإمبراطورية، “يثبت ذلك أن الهدف المنشود منذ مدة طويلة، يمكن تحقيقه. يقربنا ذلك أكثر من توليد طاقة الاندماج على نطاق أكبر بكثير”.

وكان مختبر لورانس ليفرمور الوطنى قد أعلن في بداية العام الجاري أن الباحثين حققوا تقدما في مجال الاندماج النووي، بالحصول على بلازما محترقة، وفقا لمقال تم نشره في مجلة نيتشر البريطانية.

وفي مفاعل الاندماج النووي، يتخذ الوقود شكل البلازما، وهي حالة كلية تنتج من تسخين الغاز إلى درجات حرارة مرتفعة للغاية.

يمثل الاختراق نقطة تحول على طريق تطوير مورد جديد للطاقة، يمكن ربما يوما ما، أن يولد الكهرباء بكميات هائلة بطريقة مستدامة وآمنة.

وأوضح الباحثون في المقال أن “احتراق البلازما هي التي تكون فيها تفاعلات الاندماج هي المصدر الأساسي للتسخين في البلازما، وهو أمر ضروري للحفاظ على الحرق وإشاعته، ما يتيح اكتساب طاقة عالية”.

وتولد كل من الطاقة النووية والاندماج النووي، الطاقة من قوى الترابط في النوى الذرية. غير أنه في الطاقة النووية، تنقسم الذرات الكبيرة، وتنتج نفايات مشعة، من بين أمور أخرى، وهناك خطر وقوع حوادث خطيرة.

على الجانب الآخر، فيما يتعلق بالاندماج النووي، يتم دمج النوى الذرية الصغيرة في نوى أكبر، وهي تقنية تعتبر أنظف وأكثر أمانًا. وتشبه العملية توليد الطاقة في النجوم مثل الشمس.

(وكالات)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى