اخبار عالميةبيانات ومؤشراترئيسي

عقبات تهدد طموحات ليز تراس لحفز نمو الاقتصاد البريطاني

بعد انتهاء فترة الحداد والجنازة الرسمية للملكة إليزابيث الثانية، يعود اهتمام حكومة رئيسة الحكومة البريطانية الجديدة ليز تراس إلى البحث عن أفضل الطرق لتخفيف ضغوط الأسعار مع السعي لتحقيق النمو الاقتصادي. لكن نجاح هذا التصور الذي ستعلن تفاصيله خلال الأيام القليلة المقبلة ليس مضموناً حسب المحلل الاقتصادي العالمي محمد العريان.
وقال العريان، الرئيس التنفيذي السابق لشركة «بيمكو» الأمريكية للاستثمار في السندات التي تزيد قيمة أصولها عن تريليوني دولار، في تحليل نشرته وكالة بلومبرغ للأنباء أن خطط تراس تصطدم بأربع مخاطر اقتصادية ومالية، في الوقت الذي تسعى فيه إلى التحرك بسرعة لمواجهة أزمات متعددة.
ففي ظل تصاعد حدة أزمة أسعار المستهلكين (التضخم)، تحركت رئيسة الوزراء الجديدة بسرعة منذ أسبوعين وأعلنت اعتزامها حماية الأسر من الزيادة الحادة المنتظرة في فواتير الطاقة.
وحسب الخطة الحكومية فإن الزيادة المنتظرة في قيمة فاتورة الكهرباء للأسرة العادية في بريطانيا لن تتجاوز 25% خلال العامين المقبلين، في حين كان المفترض زيادتها إلى 3549 جنيه إسترليني سنوياً، مقابل 1971 جنيه إسترليني حالياً.
كما ستحصل الشركات البريطانية على دعم لمدة 6 أشهر لمواجهة ارتفاع أسعار الطاقة، رغم أنه لم يتم وضع الهيكل المحدد لهذه الخطة.
كذلك ستقدم الحكومة دعماً مالياَ إضافياَ من خلال إلغاء الزيادة في ضريبة الشركات التي أعلنتها حكومة رئيس الوزراء السابق بوريس جونسون، وربما تتراجع عن الزيادة في رسوم التأمين الوطني. وهناك أيضاً محادثات لخفض الضرائب والرسوم العامة.
في الوقت نفسه وعلى جانب العرض، تحرص الحكومة على تسريع وتيرة تنمية المصادر المحلية للطاقة، بما في ذلك مصادر الطاقة المتجددة، مع قيام بنك إنكلترا المركزي بتوفير سيولة نقدية قيمتها 40 مليار جنيه إسترلبيني لدعم موردي وموزعي الطاقة في البلاد.
وسيتم الكشف عن القيمة الإجمالية لتكلفة الدعم المالي للأسر والشركات في مواجهة أسعار الطاقة المرتفعة أوائل الأسبوع المقبل.
والأمر المؤكد في هذه المرحلة هو أن الحكومة تعتزم تغطية هذه النفقات الإضافية من خلال التوسع في الاقتراض، بعد أن تراجعت بشكل خاص عن ضريبة الأرباح الاستثنائية على شركات الطاقة وضرائب التضامن التي تم الحديث عنها خلال الشهور الماضية.
ويقول العريان أن هذا التوجه ينطوي على خطورة كبيرة لأن التوسع في الاقتراض الحكومي يمكن أن يؤدي إلى ارتفاع أسعار الفائدة وتراجع قيمة العملة، وكلاهما يغذي مخاطر الركود التضخمي.
ويضيف أنه كلما تراجعت الأسواق عن شراء أدوات الدين الحكومي (السندات)، زادت الضغوط على ابنك المركزي لكي يرفع أسعار الفائدة بوتيرة أقوى لجعل السندات أكثر جاذبية.
أما ثاني المخاطر التي تنطوي عليها سياسات تراس المقترحة، فهو الفشل في ضمان تحقيق نمو اقتصادي كاف بسرعة. وهناك بالفعل شكوك في قدرة التخفيضات الضريبية الحالية على زيادة الطلب الاستهلاكي للأسر والإنفاق الاستثماري المستدام للشركات. وهذا هو ما يحدث عندما لا تتزامن إجراءات التحفيز المالي مع إصلاحات هيكلية أكثر شمولاً تستهدف تعزيز النمو وزيادة إنتاجية الاقتصاد.
وحتى الآن لم تعلن الحكومة عن الإجراءات التي ستساعد في دفع الشركات والأسر نحو تحسين كفاءة استهلاك الطاقة والتصرف بطريقة أكثر توافقاُ مع قواعد السوق.
أما الخطر الثالث فيتمثل في احتمال أن تؤدي جهود الحكومة لاحتواء أزمة ارتفاع أسعار الوقود الأحفوري على المدى القصير إلى تعقيد جهود محاربة التغير المناخي التي لم تكتسب الزخم المطلوب حتى الآن.
وأخيرا يتمثل الخطرالرابع في أن جهود الحكومة البريطانية الجديدة لتحقيق النمو الاقتصادي تأتي في الوقت الذي يتباطأ فيه الاقتصاد العالمي بوتيرة أسرع مما يتوقع الكثيرون. فالقوى الاقتصادية الرئيسية بالنسبة لبريطانيا وهي الولايات المتحدة والصين ومنطقة اليورو تواجه حالياً مخاطر الركود وإن كان بدرجات متفاوتة.
ويختتم العريان تحليله بالقول «إن تركيز حكومة تراس الجديدة على نمو الاقتصاد أمر صائب. ونجاح منهجها بالتحديد سيعتمد في جزء كبير منه على كيفية التعامل مع ثلاث مخاطر مازالت بعيدة عن الحل، وخطر رابع خارج عن سيطرتها تماماً».

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى