سوق شركات الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة تتضاءل في عام 2022

تراجع اهتمام المستثمرين بشركات الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة (سباك SPAC)، بعد معدل قياسي في عام 2021 عندما ارتفعت بنسبة 150% على أساس سنوي، وشكلت 59% من مجمل عروض الطروحات الأولية للاكتتابات العامة الجديدة (IPO)، وفقًا لناسداك.
تراجع شركات سباك بالعدد والقيمة
أظهر تقرير صادر عن Renaissance Capital، أن 11% فقط من أصل 199 شركة، اندمجت مع شركات استحواذ ذات أغراض خاصة، بهدف طرحها بالبورصة في عام 2021، وكانت تتداول فوق سعر عرضها في أبريل/ نيسان 2022، مع تسجيل انخفاض للعائدات بمتوسط 43% لجميعها.
اكتسبت شركات الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة، المعروفة أيضًا باسم شركات الشيكات على بياض، شعبية بين الشركات الخاصة كطريقة أسرع، وأبسط، وأرخص لخوض غمار عمليات الاكتتابات العامة الأولية في عام 2020.
وكما يوحي اسمها، فإن شركات الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة (سباك)، هي شركات عامة يتم إنشاؤها لغرض خاص، وهو تجميع الأموال لمساعدة الشركات الخاصة على الاكتتاب العام من خلال الاستحواذ عليها أو الاندماج معها، وإتمام هذه العملية يسمى دي-سباك (de-SPAC).
تلعب الثقة دورًا حيويًا في حالات شركات الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة، إذ يشتري المستثمرون أسهمها قبل الاستحواذ أو الاندماج مع الشركة المستهدفة التي تكون غير محددة بعد، ويتعين عليهم في الأساس أن يضعوا ثقتهم في مؤسس شركة الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة (الراعي)، الذي لا يلزم قانونًا بالوفاء بأي وعود قطعها في وثيقة الاكتتاب العام الخاصة به.
إذا فشلت شركة الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة في إتمام استحواذ أو اندماج في غضون عامين من اكتتابها العام، فيتعين عليها إعادة جميع الأموال المجمعة إلى المستثمرين الأصليين.
لاقت شركات الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة رواجًا لدى المستثمرين والشركات الخاصة على حد سواء في عام 2021، مع نمو بنسبة 91% على أساس سنوي، وجمعت أكثر من 145 مليار دولار لإتمام 613 عملية اكتتاب.
ومع ذلك، شهد عدد شركات الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة انخفاضًا في الربع الأول من عام 2022، إذ قدمت 72 عرضًا للأسهم مقارنة بـ 310 عروض للفترة نفسها قبل عام.
ويقع اللوم على ارتفاع معدلات التضخم، والسياسات النقدية الانكماشية، وتقلبات السوق، والصراع في أوكرانيا.
استمر هذا الاتجاه خلال الربع الثاني، إذ لم تُنشأ سوى 26 شركة استحواذ ذات أغراض خاصة في العالم، مقارنة بـ 82 في الربع الثاني من 2021.
ولإعطاء فكرة واضحة عن حالة سوق شركات الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة في الوقت الحالي، لم يكن هناك أي عملية اكتتاب لأي شركة استحواذ ذات أغراض خاصة في شهر يوليو/ تموز.
كما رأينا أيضًا العديد من أكثر الشركات قيمة التي حققت عمليات الاستحواذ أو الدمج (دي-سباك) في عام 2021، تُبلِّغ عن خسائر هائلة، بما في ذلك Ginkgo Bioworks المدعومة من بيل غيتس، التي أفادت عن خسارة صافية قدرها 670.6 مليون دولار في الربع الثاني، مقارنة بـ 54.9 مليون دولار لنفس الفترة قبل عام.
نقطة التحوّل
لم يبدأ تراجع سوق شركات الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة في الربع الأول من عام 2022، بل بدأ في أبريل/ نيسان 2021، عندما أصدر القائم بأعمال كبير محاسبي هيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية، بول مونتر، بيانًا طرح فيه بعض اعتبارات المحاسبة والتدقيق فيما يتعلق بشركات الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة، دافعًا الشركات إلى فحص تقاريرها المالية بعناية بحثًا عن أي أخطاء.
كان للبيان تأثير فوري على شركات الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة، إذ هبط طرح الاكتتابات العامة في الربع الثاني من عام 2021 إلى 111 من 320 في الربع السابق، ولم يتم التعافي منذ ذلك الحين.
بيل غيتس يلمح إلى فقاعة
بعد بضعة أيام من البيان، ظهر بيل غيتس على قناة CNBC لمناقشة مكافحة تغير المناخ، وتناول خلال تصريحاته قضية فورة شركات الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة، متحدثًا عن شركات خاصة “تصبح عامة في وقت مبكر جدًا”، وملمحًا إلى فقاعة.
وقال، “ستكون هناك شركات عالية الجودة تنجز عمليات الاستحواذ أو الاندماج، كما ستكون هناك شركات منخفضة الجودة تنجزها أيضًا، وسأحاول أن أظل منخرطًا في الشركات الأعلى جودة”.
طريق سريع للثراء
شارك بعض رواد الأعمال البارزين بنشاط عندما كان السوق مزدهرًا، واستخدموا شركات الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة للاكتتاب العام في 2021.
كان رائد الأعمال والرئيس التنفيذي السابق لشركة Zillow، سبنسر راسكوف مثالًا ساطعًا على ذلك، وفقًا لوكالة رويترز، فقد استخدم شركة استحواذ ذات أغراض خاصة يملكها ليكتتب بواسطتها شركته للإسكان Offerpad بقيمة 3 مليارات دولار، وارتفعت إيرادات Offerpad بنسبة 185% على أساس سنوي لتصل إلى 1.1 مليار دولار في الربع الثاني من عام 2022.
ساعدت شركات الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة العديد من رواد الأعمال على الثراء بسرعة، إذ وصل، بفضلها، 10 منهم إلى قائمة فوربس لمليارديرات العالم لسنة 2021.
ويشمل هؤلاء المليارديرات مات إشبيا، بقيمة صافية تبلغ 9.7 مليار دولار، وشقيقه جاستن بقيمة 3 مليارات دولار، وأوستن راسل بقيمة 2.4 مليار دولار، وأندرو بارادايس بقيمة 2.3 مليار دولار، وويليام فولي الثاني بقيمة 1.9 مليار دولار.
خرج بارادايس من قائمة فوربس السنوية للمليارديرات لعام 2022، بينما شهد مات إشبيا، وجاستن إشبيا، وراسل، وفولي، انخفاض ثرواتهم إلى 4.9 مليار دولار، و1.5 مليار دولار، و1.6 مليار دولار، و1.4 مليار دولار على التوالي.
ومع ذلك، فإن هذا لا يعني أن شركات الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة كلها فوائد وورود، لأن ما يجعلها أسهل من الاكتتابات العامة الأولية التقليدية، يجعلها أيضًا أكثر خطورة.
تواجه هذه الشركات مشكلات خطيرة تتعلق بالإفصاح، والنزاعات، والاحتيال، وعدم تناسق المعلومات، وممارسات التسويق، والجهات الراعية.
تم تناول هذه القضايا في اقتراح من 372 صفحة من قِبل هيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية في مارس/ آذار من هذا العام، إذ اقترحت قواعد وتعديلات جديدة لضمان حصول مستثمري شركات الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة على نفس الحماية التي توفرها الاكتتابات العامة الأخرى.
ويعتبر الكثيرون أن الجفاف الذي أصاب شركات الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة في يوليو/ تموز، كان نتيجة مباشرة لهذه القواعد الجديدة التي غيرت ممارساتها، وسلبتها ما كان يميّزها عن الاكتتابات العامة التقليدية، ما أوصلها في نهاية المطاف إلى مواجهة سياسات أشد حزمًا.
- فوربس