اخبار محليةتكنولوجيارئيسي

شبكات الوصول اللاسلكي من المقومات الأساسية لنشر الجيل الخامس في الأردن

أعلن رئيس الوزراء الأردني دز بشر الخصاونة في وقت سابق من العام الحالي أن الحكومة تتعاون مع مشغلي الاتصالات على إطلاق خدمات الجيل الخامس في البلاد بما يتماشى مع خطط الأردن واستراتيجيتها الوطنية للاستفادة من التكنولجيا الحديثة لدفع عجلة التنمية في البلاد. وأشار إلى الدور الكبير الذي تؤديه التقنيات الحديثة في قطاعات التعليم والصحة والبنوك والزراعة والإعلام والنقل والترفيه وغيرها. وبفضل هذه الجهود سيصبح الأردن أحد دول المنطقة السباقة في الاستفادة من ميزات الجيل الخامس، كما هو الحال في دول مجلس التعاون الخليجي، حيث كشفت حالات الاستخدام المبتكرة عن الإمكانات الكبيرة لشبكات الجيل الخامس والآفاق المستقبلية الواسعة لفرص دعم هذه التقنية لمستقبل أعمال وخدمات مختلف القطاعات والصناعات.

ستسهم خدمات الجيل الخامس في دفع عجلة التطور في الشركات وتحسين خدمات المستهلكين في الأردن على مدار أعوام عديدة. ومن خلال تبني معايير الجيل الخامس الدولية المتفق عليها والحرص على الاستفادة من التجارب الناجحة في مختلف الأسواق العالمية السباقة في هذا المجال والعمل على تعزيز نهج الابتكار المشترك بالشراكة مع مختلف موفري التقنيات العالميين، سيكون للأردن نصيبها من دفع عجلة التطور الاجتماعي والاقتصادي من خلال هذه التقنية الحيوية.

بدءاً من عام 2016، دارت بعض شركات الاتصالات والشركات التقنية في فلك شبكات الوصول اللاسلكي المفتوحة المعروفة باسم “أوبن ران” في إطار تحالف جديد عرف باسم O-RAN يهدف للترويج لتقنية الوصول اللاسلكي المفتوح التي يقصد بها أن تكون بديلاً لشبكات الوصول اللاسلكي التقليدية التي طالما اعتمدت عليها شبكات الاتصالات بما فيها الجيلين الرابع والخامس. ويراد من شبكات الوصول اللاسلكي المفتوحة “أوبن ران” أن تعتمد على التشغيل المشترك بين التجهيزات التي يوفرها عدة موردين من خلال واجهات الأجهزة والبرمجيات المفتوحة.

هناك العديد من الحقائق التي يعرفها المتخصصون عن شبكات الوصول اللاسلكي المفتوحة “أوبن ران” المرتبطة بجدوى تطبيقها، بداية من كونها ليست معياراً فعلياً جديداً للجيل الخامس، وإنما مجرد نموذج للتنفيذ تم طرحه قبل حوالي عشرة أعوام ولم يكن له نصيب كبير من اهتمام المشغلين به واعتمادهم عليه لعدة أسباب أهمها الاستهلاك الكبير للطاقة وقدرات التكامل الضعيفة والأداء الضعيف والتكاليف الكبيرة. والأهم من ذلك أنه لم يتم التحقق من هذه الطريقة “المفتوحة” للشبكات بما يتماشى مع معايير الشبكات العالمية التي تعتمدها الهيئات الدولية بما فيها مشروع شراكة الجيل الثالث والجمعية الدولية للهاتف المحمول “جي اس ام ايه”.

لا تشارك جميع الأطراف المعنية في تحالف O-RAN، حيث يحتفظ مجلس الإدارة في التحالف بحق اتخاذ القرارات الرئيسية. ويتألف مجلس الإدارة من مجموعة فرعية من الأعضاء ومشغلي الاتصالات فقط. ونظراً إلى أن التحالف لا يضم الطيف الكامل للأطراف المعنية، لا سيما مشغلي الاتصالات، قد تؤدي المناقشات داخل التحالف إلى نتائج تعود بالنفع على شركات التصنيع وحدها دون شركات الاتصالات التي يُفترض أن تكون المستفيد الأول من مبادرة التحالف. كما أن الشركات التي تم اختيارها لاحتكار تصاميم الوصول اللاسلكي المفتوح مثل “إنتل” و”سيسكو” و”أوراكل” و”مايكروسوفت” لا تعتمد معياراً موحداً مثل مشروع شراكة الجيل الثالث، وبالتالي قد تجسد احتكارات لا تسمح لشركات الاتصالات بالتفاوض أو نقاش الجدوى والفوائد المجنية على أرض الواقع لأعمالهم.

يركز المروجون لشبكات “أوبن ران” على أن تقسيم شبكات الوصول اللاسلكي سيسهم في تعزيز المنافسة والابتكار، مما يحقق قيمة أكبر للمشغلين. ولا يختلف مجمل الخبراء على أن مزايا الحد من التكاليف التي روجت لها شبكات “أوبن ران” مبالغ فيها، حيث تختلف ظروف نشرها وفقاً للسيناريوهات المختلفة. وقال نيل ماكراي، كبير المصممين في شركة “بي تي”: “أعتقد أن الفكرة التي تقول بأن شبكات الوصول اللاسلكي المفتوحة ستحد من التكاليف في الوقت الحالي وفي المستقبل القريب خاطئة تماماً. ويجب مراعاة التكلفة الإجمالية للملكية (TCO) وليس البنية التحتية للشبكة فحسب”.

من ناحية أخرى، يجمع خبراء القطاع بأن التصميم المفتوح لشبكات “أوبن ران” يعتبر نقطة ضعف فيها، حيث أشار تقرير نشرته المفوضية الأوروبية ووكالة الاتحاد الأوروبي للأمن السيبراني إلى أن الأمن السيبراني يفرض العديد من التحديات على شبكات الوصول اللاسلكي المفتوحة، وأكد التقرير أن المكونات التي يوفرها الموردون المختلفون تؤدي إلى تنوع مستويات الأمان، مما يحد من أمان المكونات ويعرّضها للهجمات بسهولة.

وقال تيري بيرتون، مفوض السوق الداخلية في المفوضية الأوروبية إنه على الرغم من أن شبكات الوصول اللاسلكي المفتوحة “أوبن ران” قد توفر عدداً من الفرص، لكنها في ذات الوقت تفرض العديد من التحديات الأمنية التي لا يمكننا الاستهانة بها. وقال بيرتون: “يجب ألا يؤدي نشر شبكات الجيل الخامس التي تعتمد على الوصول اللاسلكي المفتوح في أوروبا إلى ظهور نقاط ضعف جديدة”.

يمكن أن يؤدي اعتماد شبكات “أوبن ران” إلى تقويض التطورات التي تم إنجازها على مدار أعوام عديدة في تصاميم الشبكات، حيث شهدت المحطات الرئيسية تطورات كبيرة باتجاه التصميم البسيط بناء على اعتماد مورد واحد. وبحسب تصميم شبكات “أوبن ران”، يتم تقسيم المحطات الرئيسية من محطة واحدة إلى عدة محطات مما يؤدي لمزيد من التعقيد. وتنخفض في شبكات “أوبن ران” درجة تكامل التجهيزات وتزداد تكلفة إيجار الموقع والتكاليف الإضافية، مما يفرض المزيد من المتطلبات على مشغلي الاتصالات وارتفاع نسبة التحديات التي تواجه قوانين وأنظمة القطاع التقني. وبالتالي سيتحمل المشغلون مسؤولية تشغيل وصيانة الشبكات بدلاً من موفري حلول الشبكات والذين قد لا يكونون واثقين من إدارة تقنيات الموردين الآخرين.

كارلوس فرنانديز، نائب رئيس مجموعة الابتكار التقني في “دويتشه تيليكوم” أوضح بأن التعقيد في تكامل أنظمة الوصول اللاسلكي المفتوح في شبكات الجيل الخامس سيؤدي إلى الحد من قدرات الشبكة بشكل كبير. وقال: “إذا تم تجهيز الشبكة بالمزيد من الواجهات والحلول فهذا يعني أن الأشياء التي كانت مخفية ستصبح مكشوفة ويجب إثباتها واختبارها. كما يجب أن تكون قابلة للتشغيل المشترك وتحقق معايير الأمان المطلوبة”.

قد لا يوفر نظام الوصول اللاسلكي المفتوح “أوبن ران” إلا القليل من المزايا لمشغلي الاتصالات وللنظام الإيكولوجي لتقنية المعلومات والاتصالات في الأردن. وتجري حالياً العديد من النقاشات عن كفاءة هذه الشبكات ومقارنة جدواها بالمزايا الكبيرة التي حققها قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات في البلاد بفضل التعاون بين الجهات التنظيمية وموردي التجهيزات ومشغلي الاتصالات وفق المعايير الدولية المتعارف عليها والنجاحات التي تحققت بأسلوب عمل شبكات الوصول اللاسلكي التقليدية التي تعتمد مورد واحد. وقد يؤدي تقويض العمل وفق الأسلوب المتعارف علية للشبكات لتراجع الاقتصاد الرقمي في الأردن.

الخلاصة، لا بد من الحرص الشديد لدى التخطيط لاعتماد أي تقنية بناء على تقييم ما إذا كانت تعود بالنفع على المشغلين والمستخدمين والمجتمع. وشبكات الوصول اللاسلكية المفتوحة “أوبن ران” قد لا تكون مؤهلة حالياً لتقديم مزايا كبيرة للسيناريوهات التي يجب التعامل معها لصالح مستقبل الاتصالات في الأردن، بغض النظر عما يتم الترويج له من قبل تحالف ORAN.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى