ما أهداف عُمان من إطلاق أول قمر صناعي بـ2024؟

الاقتصاد اليوم- تواصل سلطنة عُمان مساعيها الرامية لدخول عالم الفضاء، وذلك في إطار خططها المستقبلية لتنويع الاقتصاد ومعالجة العديد من التحديات بطريقة أكثر تطوراً.
ووقّعت حكومة السلطنة، 26 يناير 2022، اتفاقية جديدة مع مجموعة شركات أجنبية بهدف اكتشاف فرص إقامة مشاريع للفضاء العميق بشكل مشترك.
وجرت الاتفاقية بين شركة التقنيات العالمية الصاعدة “إتكو”، ومقرها عُمان، وشركات “فيرجن أوربت” الأمريكية الرائدة في إطلاق الأقمار الصناعية، و”سات ريفلوشن” البولندية لتصنيع وتشغيل السواتل النانوية، و”تواتارا” الأمريكية المتخصصة في الذكاء الاصطناعي المتقدم وتحليلات البيانات وحلول التقنية المعرفية.
وتتعلّق الاتفاقية بإطلاق السواتل النانوية إلى مدار الأرض المنخفض، وهو المشروع الأول من نوعه في تاريخ الفضاء، وسيقدم بداية قمراً صناعياً نانوياً للمساعدة في البحث العلمي الرائد والتقاط الصور عالية الدقة للفضاء العميق.
ويساعد القمر أيضاً في تحليل جميع البيانات والصور التي جُمعت، سواء من البعثات إلى المدار الأرضي المنخفض، أو من مهمات الفضاء العميق رقمياً باستخدام حلول الرؤية الحاسوبية والتعلم الآلي والذكاء الاصطناعي.
تقرير خاص
يهدف المشروع إلى توفير فوائد طويلة الأمد؛ من بينها كشف الأنماط الخفية، وتحديد الاتجاهات، والتنبؤ بالتغيرات الناتجة عن تغير المناخ أو الكوارث الطبيعية.
وسيوفر أيضاً فرصاً استثمارية أمام الجامعات لفتح آفاق جديدة أمام الجيل القادم من مستكشفي الفضاء والمبتكرين في قطاع الفضاء، والاستثمار في المواهب الوطنية.
وتحاول السلطنة تقديم قيمة مضافة وتشجيع الشركات لتسريع التحول الاقتصادي المرتبط بالفضاء.
وعلى هامش المؤتمر الدولي للملاحة الفضائية الذي عقد في دبي، خلال أكتوبر 2021، اتفقت عُمان على إطلاق أول قمر صناعي عُماني محلي بحلول 2024.
وسيقوم القمر العُماني المرتقب بجمع البيانات ومعالجتها بما يخدم التطور التكنولوجي للسلطنة، ويدعم نموها الاقتصادي. ويمكن أن يكون جزءاً مهماً من سلسلة الإمداد العالمية للتصوير.
هدف قديم ومنافسة جديدة
بدأت عُمان، منذ العام 2006، التفكير في إطلاق قمر صناعي لخدمة عدد من خططها الاقتصادية، وفي يونيو 2021، أعلنت السلطنة عزمها إطلاق أول قمر صناعي لها في عام 2024.
ووقّعت شركة التقنيات العالمية الصاعدة “إتكو” مذكرة تفاهم مع “دي أوربت” الإيطالية لتصنيع قطع للأقمار الاصطناعية بالسلطنة. كما أطلقت الحكومة العُمانية استراتيجية وطنية للبحث العلمي والتطوير؛ بهدف إنتاج المعرفة وتوظيفها لتحقيق رؤية 2040.
وخلال السنوات الماضية، زادت المنافسة في منطقة الشرق الأوسط حيال أهمية تعزيز الوجود في الفضاء الخارجي، حيث بدأت عدة دول مثل الإمارات والسعودية وإيران ومصر وتركيا تطوير برامجها الفضائية بشكل سريع.
مسايرة للتطور وحماية من المخاطر
يقول المحلل العماني سعيد باقوير، إن أهمية الأقمار الصناعية بالنسبة للسلطنة تكمن في أنها تعالج العديد من المجالات الحيوية، وفي مقدمتها تغطية الاتصالات، خصوصاً في المناطق الجبلية.
وأضاف باقوير في حديثه لـ”الخليج أونلاين” أن اعتماد السلطنة على الأقمار الصناعية سيكون كبيراً فيما يتعلق بالإنذار المبكر للكوارث الطبيعية والعواصف التي ضربت العديد من البلاد خلال السنوات الماضية، وخلّفت خسائر كبيرة بسبب عدم وجود نظام إنذار مبكر دقيق وسريع.
ولفت المحلل العماني إلى أن رصد تحركات المياه خلال هطول الأمطار الغزيرة وجريان الأودية من بين أهم الأمور التي ستعتمد السلطنة فيها على خدمات الأقمار الصناعية.
إلى جانب ذلك فإن مسقط سوف تستفيد من الأقمار الصناعية في البث التلفزيوني والإذاعي وتوفير البيانات في عدد من المجالات المتنوعة، وهو ما يدفع الحكومة لإيلاء مشروعات الفضاء اهتماماً كبيراً، بحسب باقوير.
وينسحب ذلك، بحسب باقوير، على صعيد الأمن السيبراني وجودة الاتصالات الرقميه وتقوية الشبكات الأرضية، إضافة إلى مجال الألياف البصرية بحيث تكون شبكة الاتصالات والإنترنت متماشية مع التوسع الاقتصادي والاجتماعي الذي تشهده السلطنة.
مكاسب متعددة
ينعكس الوجود في الفضاء الخارجي إيجابياً على تعزيز وضع الدول على الصعيد الجيوسياسي، حيث تؤدي الأقمار الصناعية دوراً محورياً في تعزيز أنظمة الدفاع، خاصة الصواريخ الباليستية وصواريخ كروز والطائرات المُسيرة “من دون طيار”.
واقتصادياً بلغت قيمة اقتصاد الفضاء العالمي أكثر من 300 مليار دولار في عام 2020، وفقاً لتقديرات شركة “Euroconsult”، ومن المتوقع أن تبلغ قيمته 2.7 تريليون دولار بحلول عام 2040.
يضاف إلى ذلك الإمكانات الاقتصادية الكبيرة الخاصة بالتعدين الفضائي في المستقبل، حيث استنتج العلماء أن كويكباً صغيراً غنياً بالبلاتين يبلغ طوله 200 متر فقط، يمكن أن يساوي 30 مليار دولار.
ويترافق ذلك مع إدراك دول الشرق الأوسط لأهمية تنويع الموارد الاقتصادية وتقليل الاعتماد على النفط والغاز؛ وذلك في ظل التوجه العالمي لتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري في المستقبل.
ومن ثّم فإن تكثيف الأنشطة التقنية المتعلقة بالفضاء أصبح بمنزلة أحد أهم محركات سباق الفضاء الناشئ في الشرق الأوسط.
كما أن زيادة الاستثمارات في الأنشطة الفضائية ستعمل على تعزيز الابتكار وإنشاء قطاع جديد من الشركات العاملة في هذا المجال، ما يعني خلق فرص عمل جديدة وانتعاش اقتصادات دول المنطقة.