اخبار خليجيةاخبار عربيةبيانات ومؤشراترئيسي

مملكة آخذة في التغيّر – رؤية 2030 تزدهر

الاقتصاد اليوم- بعد انهيار أسعار النفط في العام الماضي، لم تدّخر المملكة العربية السعودية جهدًا في سبيل تنويع اقتصادها، بعيدًا عن اعتمادها الكبير على عائدات النفط.

انعكست الإصلاحات التي نُفذت في إطار “رؤية السعودية 2030” بقيادة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، بشكل إيجابي على اقتصاد المملكة، التي ساعدت بدورها للتغلب على تأثير أزمة الجائحة. وقد شمل ذلك: تعزيز أنشطة التحول الرقمي، وإضفاء الطابع العصري من خلال مشاريع البنية التحتية الضخمة التي تبلغ قيمتها الإجمالية تريليونات الدولارات.

 

وبعد انكماش الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للسعودية بنسبة %4.1 في عام 2020، يتوقع صندوق النقد الدولي أن ينمو بنسبة %2.4 هذا العام، ثم يواصل صعوده إلى %4.8 في عام 2022. وهذا من شأنه أن يحافظ على مكانة المملكة بوصفها أكبر اقتصاد في العالم العربي.

 

مشروعات عملاقة

يموّل صندوق الثروة السيادية للبلاد، صندوق الاستثمارات العامة (PIF) الذي يدير حوالي 430 مليار دولار من الأصول، العديد من المشاريع العملاقة في المملكة العربية السعودية، التي يتم تطويرها لتعزيز السياحة، وتوسيع البنية التحتية، وجذب الاستثمار الأجنبي المباشر (FDI).

 

وقد أعلن ولي العهد السعودي عام 2017 عن خطط لمدينة نيوم المستقبلية التي تبلغ كلفتها 500 مليار دولار. ويشمل المشروع تطويرًا فائق التقنية بمساحة 26,500 كيلومتر مربع (10,230 ميل مربع) على البحر الأحمر مع عدد من المناطق، بما في ذلك المنطقة الصناعية والمناطق اللوجستية. ومن المقرر الانتهاء من المشروع في عام 2025. كما يُتوقع أن يوفر 380 ألف فرصة عمل، ويسهم بمبلغ 48 مليار دولار في الناتج المحلي الإجمالي للمملكة بحلول عام 2030. أما أكبر مشروع للهيدروجين الأخضر في العالم، سيكون مقره في نيوم شمال غرب المملكة العربية السعودية. ويتكون هذا المشروع من منشأة إنتاج الأمونيا الخضراء القائمة على الهيدروجين، والتي تعمل بالطاقة المتجددة، بقيمة 5 مليارات دولار. ويجري تطويرها بشراكة بين شركة المواد الكيميائية الأميركية (Air Products) وشركة تزويد الطاقة وتحلية المياه (ACWA Power) ونيوم.

 

كذلك تستثمر المملكة عدة مليارات من الدولارات في السياحة، تشمل استثمارها في مشروع البحر الأحمر، وأمالا، والقدية، وبوابة الدرعية. ومن المتوقع أن يكتمل مشروع البحر الأحمر الذي تبلغ كلفته ملياري دولار في عام 2030. في حين سيشتمل على 50 فندقًا توفر حوالي 8 آلاف غرفة، وحوالي 1300 عقار سكني عبر 22 جزيرة و6 مواقع برية. وفي الوقت نفسه، يُعد مشروع أمالا وجهة سياحية فاخرة على طول الساحل الشمالي الغربي للمملكة العربية السعودية، وهو أحد مشاريع التطوير الكبرى لولي العهد الأمير محمد بن سلمان. ومن المتوقع أن يوفر 22 ألف فرصة عمل في مختلف القطاعات، بما في ذلك الضيافة والسياحة. فيما تُمثل القدية مدينة ترفيهية ورياضية وفنية بقيمة 533 مليون دولار. ويُعد مشروع ترميم بوابة الدرعية، المكان الذي انطلقت منه رؤية المملكة الأولى، وجهة سياحية جذابة بقيمة 20 مليار دولار.

 

قطاع النفط في مرحلة التعافي

كان العام الماضي صعبًا على قطاع النفط في خضم الجائحة، إذ أدت إلى انخفاض حاد في الطلب والأسعار. كما انهار النفط إلى التسعير السلبي في أبريل/ نيسان عام 2020 لأول مرة في التاريخ، عقب إجراءات الإغلاق الصارمة التي اتخذتها الدول في جميع أنحاء العالم. لكن أخذ القطاع بالتعافي هذا العام، حيث يتم تداول أسعار النفط بين 60 و70 دولارًا.

 

في مايو/ أيار عام 2021، بلغت قيمة صادرات النفط السعودية 16 مليار دولار، مما يشير إلى نمو بنسبة %147 مقارنة بالصادرات المسجلة عن الفترة نفسها من العام السابق. وكانت أرامكو السعودية هي المنتج الرئيسي الوحيد للنفط والغاز، الذي حقق أرباحًا في عام 2020، حيث سجلت أرباحًا قدرها 49 مليار دولار. وفي وقت سابق من العام، صرح الرئيس التنفيذي لشركة أرامكو، أمين ناصر، أنه متفائل بالعام 2021، وأن هناك انتعاشًا كبيرًا في الطلب خلال النصف الثاني من عام 2021.

 

وعلى الرغم من الجهود الشاملة للاستثمار في الأنشطة غير المتعلقة بالنفط، لا تزال المملكة العربية السعودية تعتزم مواصلة الاستثمار في قطاع النفط والغاز، بما يحقق توازنًا نسبيًا مع توصيات وكالة الطاقة الدولية (IEA) المتعلقة بالحد من استخدام الوقود الأحفوري لمكافحة تغيّر المناخ.

 

ويتمثل أحد أكبر استثمارات المملكة في مجال الطاقة، مدينة الملك سلمان للطاقة (SPARK) التي تطورها أرامكو. وتهدف مدينة الطاقة إلى تقديم خدمات ومنتجات مختلفة، تشمل التنقيب والإنتاج والتكرير والبتروكيماويات والطاقة التقليدية، وإنتاج المياه ومعالجتها والحفر. ومن المتوقع أن تسهم بنحو 5.8 مليار دولار في الناتج المحلي الإجمالي السنوي للمملكة العربية السعودية، و100 ألف وظيفة مباشرة وغير مباشرة، في وقت جذبت فيه المرحلة الأولى بالفعل 1.6 مليار دولار من الاستثمارات.

 

الثقافة والتطوير

لا تتضمن رؤية السعودية 2030 تحولًا اقتصاديًا فحسب، بل تحولًا ثقافيًا أيضًا، مع تنفيذ المملكة لسلسلة من الإصلاحات لإضفاء الطابع العصري على البلاد. ففي الأعوام القليلة الماضية، عملت السعودية على التخلص من صورة الدولة المحافِظة، عن طريق تخفيف القيود المفروضة على مختلف أشكال الترفيه، والترويج لقدر أكبر من المرونة. ويشمل ذلك رفع الحظر عن قيادة النساء للسيارات، وإجراء تغييرات كبيرة على نظام الكفالة، واستضافة فنانين عالميين في مهرجان (MDL Beast) للموسيقى والفن والثقافة.

 

فيما يتعلق بالرقمنة، تحتل المملكة العربية السعودية المرتبة الثالثة في المنطقة، والمرتبة 34 عالميًا في تصنيف القدرة التنافسية الرقمية العالمية (World Digital Competitiveness) الذي يُعدّه معهد التطوير الإداري (Institute for Management Development). وقد تعهدت المملكة بأحد أكبر الالتزامات المالية للرقمنة في المنطقة، ووعدت بجذب 20 مليار دولار من الاستثمار الأجنبي المباشر والاستثمار المحلي في مجالات البيانات والذكاء الصناعي. كما حددت أهدافًا أكثر طموحًا مثل تدريب 20 ألف خبير بيانات، وإطلاق 300 شركة ناشئة نشطة بحلول عام 2030.

 

في حين بدأت أرامكو تحولها الرقمي بالفعل، عبر عقد شراكة استراتيجية مع شركة التكنولوجيا الصناعية (SAP Saudi Arabia) بما يمهد الطريق لإدخال التكنولوجيا المستحدثة في بيئة تقنية تتّسم بالتغيّر المستمر. كذلك تعاونت الشركة السعودية للخطوط الحديدية (SAR) مع منصة (Oracle Cloud Infrastructure) كجزء من مبادرة الشركة السعودية للخطوط الحديدية لإحداث تحول رقمي كبير. وأنشأت الشركة السعودية للصناعات العسكرية (SAMI) وشركة المقاولات الأميركية (Lockheed Martin) مشروعًا مشتركًا قالت عنه الشركة المملوكة لصندوق الاستثمارات العامة بأنه سيعزز القدرات الدفاعية والأمنية المحلية للمملكة العربية السعودية. كما سيكون متاحًا إطلاق العملات الرقمية للبنك المركزي في المملكة خلال عامين إلى 5 أعوام.

 

أما على الصعيد البيئي، فكشفت السعودية عن “المبادرة السعودية الخضراء”، (Saudi Green Initiative) لزراعة 10 مليارات شجرة خلال العقود المقبلة، لزيادة الغطاء النباتي في المملكة، وخفض انبعاثات الكربون، ومكافحة تدهور التربة.

 

وفيما يتعلق بإصلاح السياسات العامة، تعمل المملكة حاليًا على صياغة 4 قوانين جديدة، كجزء من الإصلاح القضائي، بما في ذلك قانون الأحوال الشخصية، في إطار جهودها لتعزيز كفاءة المؤسسات القضائية في البلاد وموثوقية إجراءاتها، وفقًا لوكالة الأنباء التابعة للحكومة السعودية.

 

الاستدامة

منذ إطلاق رؤية 2030، اتخذت المملكة خطوات مهمة لتوسيع نطاق إجراءاتها المتعلقة بالمناخ وحماية البيئة. ففي مارس/ آذار 2021، أطلق ولي العهد الأمير محمد بن سلمان المبادرة السعودية الخضراء، التي تخطط لتوحيد جميع جهود الاستدامة في المملكة لزيادة الاعتماد على الطاقة النظيفة، وتعويض تأثير الوقود الأحفوري، ومكافحة تغير المناخ. وترمي المبادرات الخضراء السعودية إلى تحقيق 4 أهداف عامة على النحو الآتي:

 

إحداث تحول في قطاع الطاقة: تعتزم السعودية التحول من الوقود الأحفوري، وقد حددت هدفًا يتمثل في أن تشكل مصادر الطاقة المتجددة %50 من الطاقة السعودية بحلول عام 2030. وبموجب هذه المبادرة، هناك 9 مشروعات نشطة ومتطورة للطاقة الشمسية وطاقة الرياح في جميع أنحاء المملكة، بينما ستبلغ قدرة توليد الطاقة الإجمالية 3760 ميغاواط. ويتضمن ذلك أول محطة للطاقة الشمسية الكهروضوئية في المملكة (بسعة 300 ميغاواط) في مدينة سكاكا، التي تعوّض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بما يعادل التخلص من 120 ألف سيارة من الطرق لمدة عام واحد. كذلك محطة الهيدروجين الأخضر التابعة لنيوم و(ACWA Power) المخطط لها أن تكون الأكبر في العالم، والتي ستولّد طاقة تكفي لتشغيل 20 ألف حافلة تعمل بالهيدروجين يوميًا.

 

تقليل الانبعاثات: سيحقق هذا الهدف دفعة هائلة لكفاءة الطاقة للمباني والصناعة والنقل. في حين تستثمر مبادرة مناخ النفط والغاز (OGCI) التي تُعد أرامكو السعودية أحد أعضائها المؤسسين، 7 مليارات دولار في حلول تنطوي على انبعاثات قليلة من الكربون. فضلًا عن ذلك، يجري التخطيط لخطوط السكك الحديدية يبلغ طولها 9,900 كم في إطار الخطة الرئيسية للسكك الحديدية السعودية، التي ستقلل من حركة المرور وتقلل انبعاثات الكربون التي تتسبب بها المركبات.

 

تشجير السعودية: بموجب هذه المبادرة، هناك التزام بزراعة 10 مليارات شجرة في جميع أنحاء المملكة العربية السعودية بحلول عام 2030. والهدف من ذلك تحويل الصحراء إلى أراضٍ خضراء، وإعادة تأهيل 40 مليون هكتار من الأراضي خلال العقود المقبلة. حيث تمت بالفعل زراعة حوالي 10 ملايين شجرة في جميع أنحاء المملكة في إطار حملة “لنجعلها خضراء”،(Let’s Make it Green). فيما يتضمن مشروع العلا، الذي تبلغ كلفته 15 مليار دولار، ويمثل أكبر مشروع واحة في العالم، خططًا لإنشاء نحو 10 ملايين متر مربع من المساحات الخضراء والمفتوحة. كما زرعت أرامكو أكثر من 4 ملايين شجرة ” مانغروف”، منها مليونا شجرة في عام 2020، لاستعادة غابات المانغروف الساحلية في المملكة العربية السعودية. وسيعمل مشروع الرياض الخضراء على تحويل المدينة لتشمل 541 كيلومتر مربع من المساحات الخضراء، و7.5 مليون شجرة، وحزام أخضر بطول 1100 كيلومتر مربع يمتد عبر المدينة.

 

حماية البر والبحر: سيؤدي هذا الهدف إلى زيادة تغطية المناطق المحمية إلى أكثر من %30 من إجمالي مساحة اليابسة في المملكة. وعلى مدى 4 أعوام ماضية، ارتفعت نسبة المحميات الطبيعية في المملكة من %4 إلى أكثر من %16. كما تم تخصيص حوالي 82,700 كيلومتر مربع من الأراضي لحماية الحياة البرية. في حين تنفذ المملكة العربية السعودية أيضًا برنامجًا فعالًا للعودة إلى الحياة البرية، والذي يعمل على إعادة الغزلان والمها، من بين حيوانات أخرى، إلى أراضيها الأصلية. وهناك 75 منطقة، بما في ذلك 62 منطقة برية و13 منطقة ساحلية وبحرية، مقترحة لحماية الحياة البرية في المملكة العربية السعودية.

  • فوربس

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى