هل تسترد “سوفت بنك” استثمار 17 مليار دولار بعد إدراج “وي ورك”؟

الاقتصاد اليوم– يكون أول استثمار لرأس المال المغامر في شركة ناشئة عادة الأربح، لكن ليس هذا حال “سوفت بنك غروب” مع شركة “وي ورك” (WeWork). حيث كانت آخر صفقات “سوفت بنك” أحسنها.
يعتبر هذا تتويجاً استثنائياً لشراكة غريبة وأحياناً ذات شجون بينهما. ستتاح لشركة “سوفت بنك” أخيراً فرصة لتشرع باستعادة جزء من أزيد من 17 مليار دولار وضعتها في “وي ورك” بعدما تطرح الشركة أسهمها للتداول في بورصة نيويورك للأوراق المالية في وقت أدناه هذا الأسبوع.
يَصعُب على المحللين التكهن حول فرص ربح “سوفت بنك” من استثماراها أو كيفية ذلك نتيجة وجود خليط متشابك يضم شراء أسهم وقروض قابلة للتحويل وخيارات أسهم إضافة لعروض عطاء وخطابات اعتماد مالي أعيد التفاوض حيال بعضها. رفض ممثلون عن شركتي “وي ورك” و”سوفت بنك” التعليق.
تحسين كبير
تحتاج “سوفت بنك” أن تشهد كثيراً من الايجابيات بعد كل السلبيات التي حدثت لتتمكن من تحقيق مكاسب من استثمارها بهذه الشركة الناشئة. قال ديفيد غيبسون، كبير مستشاري الاستثمار لدى “أستريس أدفيسوري جابان” (Astris Advisory Japan)، أنه يتعين على “وي ورك” استقطاب شطر كبير من القوى العاملة فيما بعد الجائحة وأن تتأمل بأن نموذج المكاتب المشتركة المرن سيتفوق على مرافق العمل الكبيرة داخل الشركات وعلى المكاتب المنزلية. كما سيتعين عليها تحسين موقفها المالي بطريقة كبيرة. يرى غيبسون أن هذا ما يزال “ممكناً”.
قال أليكس سنايدر، مدير محفظة أصول لدى شركة “سينتر سكوير إنفستمنت مانجمنت” (CenterSquare Investment Management) التي تركز استثمارها في العقارات ولا تملك أسهماً في “وي ورك” أو “سوفت بنك” أو منافساتهما، أن فوز “سوفت بنك” قد لا يتعدى توازي الإنفاق مع الإيراد. أضاف قوله: “التخارج بمكسب أو خسارة ضئيلين، في ظل قصة “ووي وورك”، قد يعد مكسباً من وجهة نظر الناس”.
بدأت الحكاية في 2010 حين شارك آدم نيومان بإنشاء مساحة عمل مشتركة في نيويورك. حصل على دعم المستثمرين الذين استقطبهم تفاؤله المعدي وطموحاته الكبيرة. بات ماسايوشي سون، مؤسس “سوفت بنك”، أحد هؤلاء المستثمرين في 2017 حين أنفق مبدئياً ما بلغ 4.4 مليار دولار على صفقة قيّمت “وي ورك” عند 20 مليار دولار. رفعت “سوفت بنك” ذاك التقييم إلى 47 مليار دولار في يناير 2019.
أشبه بالكارثة
تحولت مساعي تسويق طرح عام أولي إلى ما يشبه كارثةً ذلك العام. قُوبل ذلك التقييم برفض وول ستريت في ظل تعاظم الخسائر وتعارض ظاهر لمصالح نيومان اشتمل على صفقات وقروض مثيرة للشكوك حصل عليها من الشركة. أُزيح نيومان وأوشكت “وي ورك” على الإفلاس وأنقذتها “سوفت بنك” بضخ أكثر من 5 مليارات دولار.
لجوء “سوفت بنك” لإنقاذ “وي ورك” بدل تركها تفلس كما فعلت في وقت لاحق مع شركتي “كاتيرا” (Katerra) و”غرينسيل كابيتال” (Greensill Capital) جدير بالملاحظة. كانت “سوفت بنك” ملتزمة بدفع 1.5 مليار دولار قيمة خيار شراء أسهم كانت قد وعدت به “وي ورك”. أخبر سون بعض المستثمرين منذ عامين أنه كان بصدد دراسة التخارج بيد أنه لم يستطع تحرير “سوفت بنك” من الالتزام. قرر لهذا ضخ مزيد من المال في الشركة المأزومة، منها 5.05 مليار دولار لديون وضمانات و1.5 مليار دولار كتسوية لإعادة صياغة عطاء لشراء أسهم من نيومان ومساهمين آخرين.
كما دخلت “سوفت بنك” عند تلك النقطة في مفاوضات لصفقة بشروط أفضل. قبلت شركة “وي ورك” خفض سعر الأسهم المرتبطة بخيار شراء الأسهم الذي سبق تقديم وعد بشأنه ليصبح 11.60 دولاراً للسهم بدلاً عن 110 دولارات، ثم حصلت “سوفت بنك” على حق شراء الأسهم بقيمة سنت واحد للسهم كجزء من ضمان ائتماني قيمته 1.75 مليار دولارو 2.2 مليار دولار كديون ممتازة غير مضمونة. اشترت 130 مليون سهم عبر خيار الشراء مقابل سنت واحد للسهم مطلع هذا العام. في حال تمديد خطاب الاعتماد المالي خلال 2023، يمكنها الحصول على 40 مليون سهم إضافية من خيارات شراء الأسهم نقداً بعد طرح “وي ورك” 12 مليون سهم أخرى في البورصة.
أرباح أكبر؟
سيبدأ تداول سهم “وي ورك” عند حوالي 10 دولارات. قد تكون أرباح “سوفت بنك” من خيارات شراء الأسهم ضخمة بما يجاوز بكثير أي استثمارات أخرى لها في “وي ورك” في حال تمكنت الأخيرة من سداد الدين في نهاية المطاف.
سيصبح تقييم “وي ورك” في السوق العام 9 مليارات دولار تقريباً، أي أقل من خمس ما دفعت وفقه “سوفت بنك” في عام 2019. بيد أنه وفقاً للدليل الاسترشادي للطرق المحاسبية للمعاملات المتفق عليها، تبدأ “سوفت بنك” صفحة جديدة بيضاء. وصلت شركة “وي ورك” للحضيض في مطلع 2020، وفقا لإفصاحات “سوفت بنك” بعد فشل الاكتتاب العام ومع بدء تفشي وباء كوفيد-19. خلال ربع السنة حتى آخر مارس 2020، قيّمت “سوفت بنك” الشركة عند 2.9 مليار دولار، وجاءت استجابة مساهمي “سوفت بنك” تماشياً مع ذلك.
قال سنايدر: “الى حد ما هم يعودون لنقطة البداية… لهم صلاحيات مطلقة.”
حفرة عميقة
رغم ذلك “سوفت بنك” واقعة بحفرة عميقة. ضخت الشركة وصندوقها “فيجين فاند” (Vision Fund) استثمارات بقيمة 16.9 مليار دولار في “وي ورك” على شكل حقوق ملكية وديون لا تشمل قرضاً شخصياً بقيمة 430 مليون دولار حصل عليه نيومان أو 105 ملايين دولار على سبيل مدفوعات أخرى له، بيد أنه يتضمن 3.85 مليار دولار لم تستخدمها “وي ورك” وهي عبارة عن مبلغ ضمان ائتمان بنحو 1.75 مليار دولار و ديون مضمونة بقيمة 1.1 مليار دولار.
في حال توافق أداء “وي ورك” مع ما عرضه مسؤولوها التنفيذيون، ربما تحقق أرباحاً تبلغ مليار دولار قبل خصم الفوائد ونفقات أخرى بحلول 2023، وإن قيّمها السوق بما يتوافق مع الشركات الأخرى صاحبة حقوق الامتياز مثل الفنادق، فمن المحتمل أن يتجاوز تقييمها 15 مليار دولار بحلول 2023. ستقترب عند هذه النقطة “سوفت بنك”، التي ستكون مالكة لما يصل إلى 56% تقريباً من الأسهم بعد الطرح في البورصة، من تعادل المدفوعات مع الإيرادات.
يعتمد ذلك قطعاً على سير الأمور بطريقة مثالية. قال أسواث داموداران، أستاذ التمويل في “ستيرن سكولز أوف بيزنس” في جامعة نيويورك، أن نموذج أعمال “وي ورك” لم تثبت جدارته بعد. تضيف التزامات الإيجار الجسيمة وطويلة الأجل وعقود المستأجرين قصيرة الأجل غموضاً حول مستقبل الشركة فيما يخص بلوغها الربحية. كتب داموداران عبر البريد الإلكتروني: “لن تكسب (سوفت بنك) أموالاً من (وي ورك)… السؤال الذي ينتظر إجابة هو كم ستخسر.”
بلومبيرغ