مقالات مختارة

المستهلك بين الشركات والعلاقات العامة

فايق حجازين

ما أن تدفع جمعية حماية المستهلك بشكوى نتيجة تضرر المستهلكين، تبادر الشركات التي تقدم الخدمة او تبيع السلعة محل الشكوى، إلى استخدام منابرها واسلحتها وادواتها للدفاع عن وجهة نظرها، تساندها في ذلك شركات علاقات عامة محترفة لتحسين الصورة التي خدشها سوء الخدمة أو المنتج بغض النظر عن الضرر الذي لحق ويلحق بالمستهلك وبالتالي بالاقتصاد الوطني بشكل عام.

وتتضح المسألة كليا عندما يكون في السوق أكثر من شركة منافسة، فتأخذ المعركة منحى أخر، في سباق الاتهام والرد على الاتهام، ويبقى المستهلك هو الضحية، خصوصا في غياب الرقابة من قبل الجهات المعنية.

هذه المقدمة اسوقها للإشارة إلى الجدل حول مواصفات البنزين اوكتان 90 الذي يشيع استخدامه في المملكة، والذي تبين أن نسبة المنغنيز في ما تنتجه مصفاة البترول الأردنية مرتفعة خلافا للمواصفات القياسية الأردنية والمطابقة للمواصفات القياسية الأوروبية، مع ملاحظة أن المنغنيز يتم استخدامه كمادة مضافة للبنزين، لكن المشكلة بتجاوز السقف الذي كان لعهد قريب 1.8 ميليغرام لكل ليتر واصبح 2 ميليغرام أخيرا. بينما ما يتم استيراده من قبل شركتين بدأتا في الاستيراد منذ حزيران 2018 لمادة بنزين اوكتان 90 يحتوي على مادة الحديد وبنسب مرتفعة، تراوحت بين 14 و24 مليغرام.

وأوقف العالم استخدام الحديد في انتاج البنزين، وأخر الدول المتقدمة التي تخلت عنه كانت الصين قبل نحو 20 عاما، وبقيت دول فقيرة تستخدمه وعددها محدود جدا في العالم، وذلك لآثاره السلبية على المحركات والبيئة سواء بسواء. وهذا ما اكدته مدير عام مؤسسة المواصفات والمقاييس الأردنية بأن الفحص الروتيني كان يتناول المنغنيز ولا يتطرق لعنصر الحديد لأن العالم اوقف استخدامه، وهنا اقتبس من كلام المهندس رولا المدانات: المؤسسة كانت تفحص في السابق نسبة المنغنيز ولم تكن تتوقع وجود نسب للحديد لأنه لا يستخدم عالميا.

المواصفات والمقاييس ستضيف بندا لمواصفات البنزين وهو مكون الحديد وبما لا يزيد عن 2 مليغرام في كل ليتر لضمان عدم تأثيره على البيئة والمحركات.

امام هذه التطاحن بين الشركات، من سيحمي المستهلكين، وهو سؤال توجهت به لإحدى الشركات المستوردة للبنزين، ماذا لو اقتنى مستهلك سيارة حديثة وتعاقد على استخدم بنزينا من مستورداتكم، وتلف محرك مركبته او جزء منها، واثبت الوكيل انه بتأثير من الوقود، من سيعوضه؟ كانت الإجابة: وكيف ستثبت المحكمة أنه لم يستخدم بنزينا من محطات أخرى؟

الحقيقة المطلقة في صراع الشركات التي تعمل في قطاع المشتقات النفطية، انتاجا واستيرادا، أن المستهلك هو الضحية، وهذه مسؤولية المواصفات والمقاييس في تطوير المواصفات التي تحمي البيئة أولا ومحرك السيارة ثانيا، والتشدد في تطبيق هذه المواصفة، دون استثناء وتحت أي مبرر كان. مسؤولية المنتج أن ينتج مشتقات نفطية مطابقة بغض النظر عن المبررات التي تسوقها شركة مصفاة البترول، ومسؤولية المستورد أن يستورد ما هو مطابق، وعليهم جميعا أن يتقوا الله في اقتصاد هذا البلد وفي مواطنيه.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى